يقوله حلاوة. وانه ليحطم ما تحته. وانه ليعلو وما يعلى عليه. فدعني حتى افكر فيه. فلما فكر قال : ان هذا الا سحر يؤثره عن غيره. فنزلت : (ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيداً ..)
(ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيداً) الخطاب للرسول ص وآله. ومعناه خل بيني وبينه هذا الذي خلقته وحيدا مجردا من كل شيء آخر. ثم هو الآن يكفر بي ويكذب رسولي فسوف يعلم ما سأفعل به. وما يستحقه بقوله هذا (سَأُرْهِقُهُ صَعُوداً) فالتصعيد في الطريق وأشق السير واشده ارهاقا. ولا راحة وامل في نهاية الطريق.
(سَأُصْلِيهِ سَقَرَ) انها مرتبة من العذاب اسفلها عمقا واشدها ضراما.
(كَذلِكَ. يُضِلُّ اللهُ مَنْ يَشاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشاءُ) تذكر الحقائق وتعرض الايات فتتلقاها القلوب المختلفة تلقيا مختلفا. فيهتدي بها فريق قد استعمل عقله ونبذ هواه. ويضل بها فريق اخر قد اتبع هواه ونبذ عقله. وهذا سبب الاختلاف بين الفريقين ـ كالعنب : واحد يأكله عنبا وزبيبا فينتفع به. وواحد يصنعه خمرا فيسكر ويذهب عقله فيضر نفسه وغيره. وهكذا المواعظ والارشاد تصنع بأهلها.
(كَلاَّ وَالْقَمَرِ (٣٢) وَاللَّيْلِ إِذْ أَدْبَرَ (٣٣) وَالصُّبْحِ إِذا أَسْفَرَ (٣٤) إِنَّها لَإِحْدَى الْكُبَرِ (٣٥) نَذِيراً لِلْبَشَرِ (٣٦) لِمَنْ شاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَتَقَدَّمَ أَوْ يَتَأَخَّرَ (٣٧) كُلُّ نَفْسٍ بِما كَسَبَتْ رَهِينَةٌ (٣٨) إِلاَّ أَصْحابَ الْيَمِينِ (٣٩) فِي جَنَّاتٍ يَتَساءَلُونَ (٤٠) عَنِ الْمُجْرِمِينَ (٤١) ما سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ (٤٢) قالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ (٤٣) وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ (٤٤) وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخائِضِينَ (٤٥) وَكُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ (٤٦) حَتَّى أَتانَا الْيَقِينُ (٤٧) فَما تَنْفَعُهُمْ شَفاعَةُ الشَّافِعِينَ (٤٨) فَما لَهُمْ عَنِ التَّذْكِرَةِ مُعْرِضِينَ (٤٩) كَأَنَّهُمْ حُمُرٌ مُسْتَنْفِرَةٌ (٥٠) فَرَّتْ مِنْ قَسْوَرَةٍ (٥١) بَلْ يُرِيدُ كُلُّ امْرِئٍ مِنْهُمْ أَنْ يُؤْتى صُحُفاً مُنَشَّرَةً (٥٢) كَلاَّ بَلْ لا يَخافُونَ الْآخِرَةَ (٥٣) كَلاَّ إِنَّهُ تَذْكِرَةٌ (٥٤) فَمَنْ شاءَ ذَكَرَهُ (٥٥) وَما يَذْكُرُونَ إِلاَّ أَنْ يَشاءَ اللهُ هُوَ أَهْلُ التَّقْوى وَأَهْلُ الْمَغْفِرَةِ (٥٦))