البيان : والقرآن يلمس بهذه الاشارة السريعة مكامن هذه المشاعر والاسرار في القلوب التي يخاطبها. على خبرة بمداخلها ودروبها وقلّ ان يستيقظ قلب لمشهد القمر حين يطلع. وحين يسري وحين يغيب. ثم لا يعي عن القمر شيئا. والله الذي خلق القلب البشري يعلم ان هذه المشاهد بذاتها تصنع فيه الاعاجيب في بعض الاحايين. وكأنها تخلقه من جديد.
(إِنَّها لَإِحْدَى الْكُبَرِ) والقسم ذاته ومحتوياته. والقسم عليه بهذه الصورة ... كلها مطارق تطرق قلوب البشر بعنف وشدة. (لِمَنْ شاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَتَقَدَّمَ أَوْ يَتَأَخَّرَ).
(كُلُّ نَفْسٍ بِما كَسَبَتْ رَهِينَةٌ) فكل فرد يحمل همّ نفسه وتبعتها. فهي رهينة. بما تكسب مقيدة بما تفعل ، (إِلَّا أَصْحابَ الْيَمِينِ) واعلان ذلك في هذا الموقف وعرضه يلمس القلوب لمسة مؤثرة. (قالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ) وهي كناية عن الايمان كله. وهي كيان العقيدة ورمز الايمان ودليله.
(وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ) .. وهذه تلى عدم الايمان. بوصفها عبادة لله في خلقه. بعد عبادته سبحانه. ويدل ذكرها بهذه القوة على الحالة الاجتماعية التي كان القرآن يوجهها وانقطاع الاحسان للفقير في هذه البيئة القاسية. على الرغم من الفخر بالكرم عند العرب.
(وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخائِضِينَ) وهي تصف حالة الاستهتار بأمر العقيدة. وحقيقة الايمان واخذها مأخذ الهزل واللعب. وهي اعظم واخطر من الامر في حياة الانسان.
(وَكُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ) وهذه أس البلايا. فالذي يكذب بيوم الدين تخلى يده من جميع الموازين والقيم التي بها تتفاوت الحياة. حسنا وقبحا. وسعادة وشقاء.