: ان جهنم خلقت ووجدت وكانت مرصادا للطاغين. تنتظرهم وتترقبهم وينتهون اليها فاذا هي معدة لهم. مهيأة لاستقبالهم. وكأنما كانوا في رحلة في الارض ثم آبوا الى موأواهم الاصيل. الذي لا يخرج من دخله ولا يخفف عنه.
(جَزاءً وِفاقاً) يوافق ما اسلفوا وما اجرموا (إِنَّهُمْ كانُوا لا يَرْجُونَ حِساباً) ولا يتوقعون مآبا. (وَكَذَّبُوا بِآياتِنا كِذَّاباً) ان جرس اللفظ فيه شدة توحي بشدة التكذيب. بينما كان الله تعالى يحصي عليهم كل شيء احصاه دقيقا لا يفلت منه حرف او نفس.
(وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْناهُ كِتاباً) وهنا يجيء التأنيب الميئس من كل رجاء في تغيير او تخفيف.
(إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ مَفازاً (٣١) حَدائِقَ وَأَعْناباً (٣٢) وَكَواعِبَ أَتْراباً (٣٣) وَكَأْساً دِهاقاً (٣٤) لا يَسْمَعُونَ فِيها لَغْواً وَلا كِذَّاباً (٣٥) جَزاءً مِنْ رَبِّكَ عَطاءً حِساباً (٣٦) رَبِّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما بَيْنَهُمَا الرَّحْمنِ لا يَمْلِكُونَ مِنْهُ خِطاباً (٣٧) يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَالْمَلائِكَةُ صَفًّا لا يَتَكَلَّمُونَ إِلاَّ مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمنُ وَقالَ صَواباً (٣٨) ذلِكَ الْيَوْمُ الْحَقُّ فَمَنْ شاءَ اتَّخَذَ إِلى رَبِّهِ مَآباً (٣٩) إِنَّا أَنْذَرْناكُمْ عَذاباً قَرِيباً يَوْمَ يَنْظُرُ الْمَرْءُ ما قَدَّمَتْ يَداهُ وَيَقُولُ الْكافِرُ يا لَيْتَنِي كُنْتُ تُراباً (٤٠))
البيان : فاذا كانت جهنم هناك مرصدا ومآبا للطاغين. لا يفلتون منها ولا يتجاوزونها. فان المتقين ينتهون الى مفازة ومنجاة تتمثل (حَدائِقَ وَأَعْناباً) لانها مما يعرفونه في الدنيا.
(وَكَواعِبَ أَتْراباً) وهن الفتيات الناهدات اللواتي استدارت ثديهن (اترابا) متوافايات السن مستكملات الجمال. (وَكَأْساً دِهاقاً) شراب لذيذ لا مثيل له في هذه الحياة.
(لا يَسْمَعُونَ فِيها لَغْواً وَلا كِذَّاباً) فهي حياة مصونة من كل لغو وكذب وجدل. فالحقيقة مكشوفة لا مجال فيها لكل ذلك. وهي حالة من الرفعة والمتعة تليق بدار الخلود.