عرفته وطلبت منه العفو والصفح بقلب خاشع مع الندم على ما كان منك بقبلك ويتوب عليك.
(فَأَراهُ الْآيَةَ الْكُبْرى فَكَذَّبَ وَعَصى) لقد بلغ موسى (ع) ما كلفه به خالقه. بالاسلوب اللين الجذاب (لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشى) ويرجع ويندم فيسعد ويفوز.
فلم يفلح معه كل هذا اللين والوعد بالصفح والعفو .. مع ضمان بقاء ملكه له. لأن القلب اذا سودته الخطايا واعمته الجرائم لم يقبل اي وعظ او نصيحة او ارشاد.
(ثُمَّ أَدْبَرَ يَسْعى فَحَشَرَ فَنادى فَقالَ أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلى) قالها الطاغية مخدوعا بغفلة اتباعه. وانقيادهم اليه بدون وعي وتدبر. ولو لا ذلك لما وصل به الامر الى هذا الطغيان. ولما قال لهم (أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلى) واذعنوا له وسجدوا له طائعين.
(فَأَخَذَهُ اللهُ نَكالَ الْآخِرَةِ وَالْأُولى) ويقدم هنا نكال الاخرة على الأولى لأنه أشد وأدهى. فهو النكال الحقيقي الذي يجازي به الطغاة والمجرمين.
(إِنَّ فِي ذلِكَ لَعِبْرَةً لِمَنْ يَخْشى) فالذي يعرف ربه ويخشاه هو الذي يدرك ما في حادث فرعون من عبرة وعظة. اما الذي لا يعرف قلبه التقوى فبينه وبين الاعتبار حاجز وحجاب. فلا ينتفع بكل عبرة وعظة حتى ينتقم الله منه ويصبح عبرة للمعتبرين.
(أَأَنْتُمْ أَشَدُّ خَلْقاً أَمِ السَّماءُ بَناها (٢٧) رَفَعَ سَمْكَها فَسَوَّاها (٢٨) وَأَغْطَشَ لَيْلَها وَأَخْرَجَ ضُحاها (٢٩) وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذلِكَ دَحاها (٣٠) أَخْرَجَ مِنْها ماءَها وَمَرْعاها (٣١) وَالْجِبالَ أَرْساها (٣٢) مَتاعاً لَكُمْ وَلِأَنْعامِكُمْ (٣٣) فَإِذا جاءَتِ الطَّامَّةُ الْكُبْرى (٣٤) يَوْمَ يَتَذَكَّرُ الْإِنْسانُ ما سَعى (٣٥) وَبُرِّزَتِ الْجَحِيمُ لِمَنْ يَرى (٣٦) فَأَمَّا مَنْ طَغى (٣٧) وَآثَرَ الْحَياةَ الدُّنْيا (٣٨) فَإِنَّ الْجَحِيمَ هِيَ الْمَأْوى (٣٩) وَأَمَّا مَنْ خافَ مَقامَ رَبِّهِ وَنَهَى