وهي حقيقة يراها كل احد ويتأثر بها كل قلب حي. وستظل هذه الحقيقة تروع القلوب وتدهشها كلما اتسع علمها وكبرت معرفتها.
(وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذلِكَ دَحاها) ودحو الارض تمهيدها وبسط قشرتها بحيث تصبح صالحة للسير عليها وزرعها وغرسها والانتفاع بها ـ اكراما لهذا الانسان وهو يزداد طغيانا ـ.
(مَتاعاً لَكُمْ وَلِأَنْعامِكُمْ) فيذكر الخالق العظيم هذا المخلوق الضعيف لعله يتذكر او يخشى فان بناء السماء على هذا النحو. ودحو الارض على هذا النحو. لم يكن صدفة أو فلئة. انّما كان بتدبير حكيم خبير. ذي قوة واقتدار. ليستخلف الانسان في هذه الحياة. ويختبره أيشكر ام يكفر. والحساب له غدا. بل هو اقرب اليه من كل قريب عند الموت الذي يأتيه بغته فيبهره. ويذهله بعد ان كان يأمل كثيرا. ويحسب طويلا.
(فَإِذا جاءَتِ الطَّامَّةُ الْكُبْرى) ان الحياة الدنيا متاع حقير وبقاؤه قليل.
(عندئذ (يَتَذَكَّرُ الْإِنْسانُ ما سَعى) يتذكر طغيانه وتفريطه وغفلته عن الاستعداد لهذا السفر البعيد والحساب الدقيق. وتحتوشه الحسرات والزفرات لكن بدون جدوى.
(وَبُرِّزَتِ الْجَحِيمُ لِمَنْ يَرى) فقد انتهى الغرور وانزاحت اغشية المكر والخداع. فهذه الجحيم قد ظهرت وبرزت لكل انسان بمجرد ما يلفظ انفاسه وتخرج روحه من جسمه يرى الجحيم بعينه (فَكَشَفْنا عَنْكَ غِطاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ) يمكن بعد التكذيب والانكار. وقد تجلت الحقائق على واقعها فما بعد هذا الظهور والانكشاف.
(فَأَمَّا مَنْ طَغى وَآثَرَ الْحَياةَ الدُّنْيا) فله هذه الجحيم وهذه السلاسل والاغلال.