(٢) تنويها بالمرأة الصالحة ووصفا لها. فهي المطيعة المسالمة الحافظة بما أمر الله حفظه من حقوق زوجها في غيبته.
(٣) إشارة إلى المرأة التي لا تتصف بهذا الوصف. ويبدر منها بوادر العصيان والانحراف عن واجبها. وإيجاب عظتها وردعها بالكلام أولا ، فإذا لم تتعظ وترتدع فبالهجر ، فإذا لم يجد فبالضرب. وإيجاب توقف الرجل عن ذلك حالما يبدو من زوجته طاعة وإذعان. وتقرير كون الله لم يجعل للرجل حق الاستمرار في الموقف الخشن من المرأة بدون حق وضرورة وهو العليّ فوق الجميع ، الكبير الذي يجب أن يطاع ويخشى.
ولقد روى المفسرون (١) أن الآية نزلت في مناسبة لطم أحد الأنصار لزوجته فأخذها أبوها إلى النبي صلىاللهعليهوسلم شاكيا. فأمر النبي بالاقتصاص من الزوج فلما انصرفا استرجعهما وقال أتاني جبريل بهذه الآية ، ولقد أردنا أمرا وأراد الله أمرا والذي أراد الله خير.
والرواية لم ترد في الصحاح ولا نراها متسقة مع الآية وفحواها وهدفها. والذي يتبادر لنا أن الآية غير منقطعة عن سابقاتها. فالسابقات احتوت تثبيت حقوق المرأة المالية والزوجية وتعظيم شأنها ووصت بالاعتراف بها واحترامها فجاءت هذه الآية لتستدرك ذكر ما للرجال من حق على النساء.
ويلحظ أن الآية مع جعلها الرجال قوامين على النساء وفي منحها لهم حق تأديب الناشزات منهن تظل كما هو ظاهر من فحواها وروحها في نطاق التلقين القرآني العام الذي يوجب على الرجال عدم اضطهاد النساء وإعناتهم ومخاشنتهم بدون مبرر مشروع معقول.
وجملة (الرِّجالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّساءِ) وإن كانت مطلقة فإن روح الآية التي وردت فيها ونصّها معا يسوغان القول إنها في صدد تقرير قوامة الزوج على الزوجة
__________________
(١) انظر الخازن وابن كثير والطبرسي والطبري والبغوي.