ففي صدد وصف (فَالصَّالِحاتُ) روى الطبري حديثا بصراحة عن أبي هريرة عن النبي صلىاللهعليهوسلم قال «خير النساء امرأة إذا نظرت إليها سرّتك وإذا أمرتها أطاعتك وإذا غبت عنها حفظتك في نفسها ومالها ثم قرأ الآية» وهذا الحديث مقارب لما رواه أصحاب السنن وأوردناه قبل. وهناك حديث رواه مسلم والنسائي عن أبي هريرة قال «قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم إن الدنيا كلّها متاع وخير متاع الدنيا المرأة الصالحة» (١) وحديث رواه الشيخان عن أبي هريرة أيضا عن النبي صلىاللهعليهوسلم قال «خير نساء ركبن الإبل صالحو نساء قريش. أحناه على ولد في صغره وأرعاه على زوج في ذات يده» (٢).
والأحاديث رائعة في وصفها وتنويهها بالمرأة الصالحة ثم في حثها المرأة المسلمة على الاتصاف بالصفات المحببة التي تجعلها كذلك. وفي صدد جملة (حافِظاتٌ لِلْغَيْبِ بِما حَفِظَ اللهُ) روى الطبري وغيره أنها بمعنى (حافظات لما استودعهن الله من حقه ولغيب أزواجهن) أو (حافظات لفروجهن ومال أزواجهن) والأقوال سديدة متسقة مع روح الآية.
وفي صدد (النشوز) رووا أنه الامتناع عن الاستجابة لطلب الزوج الجنسي أو عدم إطاعته في ما أوجب الله عليها إطاعته فيه أو جنوح الزوجة إلى المعصية والتمرد وكراهية زوجها وأهله. وكل هذا سديد كذلك. مع التنبيه على أن الطبري نبّه عزوا إلى عكرمة إلى النبي صلىاللهعليهوسلم على أن طاعة الزوجة لزوجها مشروطة بأن تكون في معروف. أي أن ما يأمرها به ويجب طاعتها له هو ما يكون فيه توافق مع كتاب الله وسنة رسوله ومكارم الأخلاق المتعارف أنها كذلك. وصحة ما يرويه الطبري عن عكرمة عن النبي صلىاللهعليهوسلم محتملة وهو متسق مع التلقينات القرآنية والنبوية الوثيقة. فالله حينما أمر النبي بأخذ البيعة من النساء كان من جملة ذلك (وَلا يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ) على ما جاء في آية سورة الممتحنة [١٢] التي سوف يأتي شرحها في
__________________
(١) التاج ج ٢ ص ٢٥٧.
(٢) المصدر نفسه.