وهناك مأثورات نبوية في صدد الضرب إذا ما أتت الزوجة ما يستحق حيث جاء في خطبة حجة وداع النبي التي يرويها مسلم وأبو داود أن تضرب ضربا غير مبرح (١). وفي حديث آخر نهى عن الضرب على الوجه والتقبيح والهجر (٢). ويروي الطبري عن ابن عباس أن الضرب غير المبرح هو أن يكون غير مؤثر أو بالسواك ، ويروي الخازن عن الشافعي أن الضرب مباح وتركه أفضل. وهناك أحاديث نبوية تنهى بشدّة عن الضرب بدون مبرر مشروع منها حديث رواه البخاري والترمذي عن عبد الله بن زمعة عن النبي صلىاللهعليهوسلم قال «لا يجلد أحدكم امرأته جلد العبد ثم يجامعها في آخر اليوم» (٣) وحديث رواه أبو داود والنسائي والحاكم وصححه عن إياس بن عبد الله عن النبي صلىاللهعليهوسلم قال «لا تضربوا إماء الله. فجاء عمر فقال يا رسول الله ذئر النساء على أزواجهن فأذن بضربهنّ فأطاف بآل محمد نساء كثير يشكون أزواجهن فقال النبي صلىاللهعليهوسلم لقد طاف بآل محمد سبعون امرأة كلّهن يشتكين أزواجهن ولا تجدون أولئك خياركم» (٤).
وتلخيصا لما تقدم واستنادا إلى ما في الآيات القرآنية عامة وآيات سورة البقرة [٢٣١ ـ ٢٣٦] وآيات هذه السورة [١٤ ـ ١٩] والآية التي نحن في صددها ثم إلى ما في الأحاديث النبوية من تلقينات وحدود يصح أن يقال إن قوامة الرجل على زوجته محصورة في مجال الحياة الزوجية غير ممتدة إلى غيره من المجالات المالية والمدنية والاجتماعية والسياسية وأن واجب الطاعة على الزوجة لزوجها وعدم مخالفتها له في نفسها ومالها بما يكره مشروطان بأن يكون ما يطلبه منها مشروعا في غير معصية وغير معطل لما قرره لها القرآن من حقوق متنوعة. وأن حقّ التأديب الممنوح له مشروط بشذوذ الزوجة وانحرافها وتمردها وسوء خلقها وعدم وفائها وأمانتها ، مع التدرج في التأديب وتقديره بقدره واستهداف الإصلاح والصلاح منه.
__________________
(١) التاج ج ٢ ص ١٤٣ و ١٤٤.
(٢) المصدر نفسه ص ٢٨٨ والراجح أن الهجر والتقبيح هناك في معنى الشتائم والفظاظة.
(٣) المصدر نفسه ص ٢٩٨.
(٤) المصدر نفسه.