كواجب أوجبه الله عليه ابتغاء مرضاته مجردا عن مراءاة الناس وقصد اكتساب ثنائهم أو نيل جزائهم وكل هذا متسق مع وصايا القرآن على ما شرحناه في مناسبات عديدة سابقة.
ولقد أثرت عن النبي صلىاللهعليهوسلم أحاديث كثيرة في صدد ما احتوته هذه الآيات فيها الأمر وفيها النهي. ومنها ما ورد في الكتب الخمسة ومنها ما أخرجه الإمام أحمد أو روي من طرق أخرى. منها في صدد حق الجار عن عائشة أن النبي صلىاللهعليهوسلم قال «ما زال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سيورثه» (١). وعنها «قالت يا رسول الله إن لي جارين فإلى أيهما أهدي؟ قال إلى أقربهما منك بابا» (٢). وحديث آخر جاء فيه «لا يدخل الجنة من لا يأمن جاره بوائقه» (٣). وحديث رابع أخرجه الإمام أحمد جاء فيه «لا يشبع الرجل دون جاره» (٤). وحديث خامس جاء فيه «لأن يزني الرجل بعشر نسوة أيسر عليه من أن يزني بحليلة جاره ، ولأن يسرق الرجل من عشرة أبيات أيسر عليه من أن يسرق من جاره» (٥). وحديث سادس جاء فيه «الجيران ثلاثة : جار له حقّ واحد وجار له حقان وجار له ثلاثة حقوق. فالأول جار مشرك فله حقّ الجوار ، والثاني جار مسلم فله حقّ الإسلام والجوار والثالث جار مسلم ذو رحم فله حق الجوار والإسلام والرحم» (٦). وحديث سابع جاء فيه «من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يؤذ جاره» (٧). ومنها في صدد حق الجار والصاحب معا حديث جاء فيه «خير الأصحاب عند الله خيرهم لصاحبه وخير الجيران عند الله خيرهم لجاره» (٨). ومنها في صدد الأقارب وذوي الرحم حديث
__________________
(١) التاج ج ٥ ص ١٤ الحديث رواه الأربعة.
(٢) التاج ج ٥ ص ١٤ الحديث رواه البخاري وأبو داود.
(٣) التاج ج ٥ ص ١٤ الحديث رواه الشيخان.
(٤) من تفسير ابن كثير للآيات.
(٥) المصدر نفسه.
(٦) المصدر نفسه.
(٧) من تفسير الخازن.
(٨) التاج ج ٥ ص ٩ و ١٥ والحديث رواه الترمذي.