صيغة نكتفي بإيرادها لأنها الأوثق سندا جاء فيها «صنع لنا عبد الرحمن بن عوف طعاما فدعانا وسقانا من الخمر فأخذت الخمر منّا وحضرت الصلاة فقدموني فقرأت قل يا أيها الكافرون لا أعبد ما تعبدون ونحن نعبد ما تعبدون فأنزل الله (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ) (١) (وَأَنْتُمْ سُكارى حَتَّى تَعْلَمُوا ما تَقُولُونَ)» (٢) وروى المفسرون روايات عديدة متقاربة المدى مختلفة الصيغ في سبب نزول الشطر الثاني من الآية. من ذلك حديث رواه البخاري عن عائشة قالت «هلكت قلادة لأسماء فبعث النبي صلىاللهعليهوسلم في طلبها رجالا فحضرت الصلاة وليسوا على وضوء ولم يجدوا ماء فصلّوا على غير وضوء. فأنزل الله آية التيمم» (٣). ومن ذلك رواية يرويها الطبري تذكر أنه نال أصحاب رسول الله جراحة ففشت فيهم ثم ابتلوا بالجنابة فشكوا إلى رسول الله فنزلت وإن كنتم مرضى. ورواية أخرى يرويها الطبري أيضا أنه كان للنبي خادم اسمه الأسلع فناداه ليلة يا أسلع قم فارحل لي فقال له يا رسول الله أصابتني جنابة فأتاه جبريل بآية الصعيد فناداه أن قم فتيمم ووصف له ضربتين للتيمم واحدة للوجه وواحدة لليدين إلى المرفقين ثم مروا على ماء فأمره أن يغتسل. وهذه الرواية تفيد أن النبي صلىاللهعليهوسلم كان في سفر أيضا.
والأحاديث والروايات تفيد أن الآية نزلت مجزأة وفي مناسبات متعددة مع أنها وحدة تامة كما تبدو. وفيها نقاط أخرى لم ترد في الروايات والأحاديث مثل ملامسة النساء وعبور المساجد. وهذا يسوغ القول إن الآية نزلت مرة واحدة واحتوت مواضيع عديدة متناسبة.
ولا يمنع هذا بطبيعة الحال أن تكون المناسبات المروية صحيحة فكانت سببا لنزول الآية جامعة لما كان ولما يفرض أن يكون ليكون الموضوع تاما.
ثانيا : والآية بعد فصل جديد وتام. وهذا النوع من الآيات التشريعية غير نادر
__________________
(١) انظر الطبري والبغوي وابن كثير والخازن.
(٢) التاج ج ٤ ص ٨٢ و ٨٣.
(٣) المصدر نفسه.