والمسح على العصابة ، ثم المريض الواهن والشيخ الواهن اللذين يؤذيهما الماء.
وعلى كل حال إن المسألة دينية إيمانية موكولة للمؤمن المفروض أنه لا يبحث عن فتوى بدون مبرر ليخلص نفسه من مؤونة استعمال الماء للوضوء والاغتسال. والذي لا يفعل ذلك إذا اعتقد هو أو قال له الخبراء إن استعمال الماء يؤذيه أو يزيد مرضه حقا والله تعالى أعلم. وهناك حديثان فيهما ما يصح الاستئناس بهما على ذلك يروي أحدهما البخاري وأبو داود عن عمرو بن العاص قال «احتلمت في ليلة باردة في غزوة ذات السلاسل فأشفقت أن اغتسل فأهلك فتيممت ثم صليت بأصحابي الصبح. فذكروا ذلك للنبي صلىاللهعليهوسلم فقال يا عمرو صليت بأصحابك وأنت جنب فأخبرته بالذي منعني من الاغتسال وقلت إني سمعت الله يقول (وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللهَ كانَ بِكُمْ رَحِيماً) فضحك رسول الله ولم يقل شيئا» (١) ويروي ثانيهما أبو داود عن جابر قال «خرجنا في سفر فأصاب رجلا منا حجر فشجّه في رأسه. ثم احتلم فسأل أصحابه هل تجدون لي رخصة في التيمم قالوا ما نجد لك رخصة وأنت تقدر على الماء فاغتسل فمات ، فلما قدمنا على النبي صلىاللهعليهوسلم أخبرته بذلك فقال قتلوه قتلهم الله. ألا سألوا إذ لم يعلموا فإنما شفاء العيّ السؤال. إنما كان يكفيه أن يتيمم أو يعصب على جرحه خرقة ثم يمسح عليها ويغسل سائر جسده» (٢) ولقد روى الخازن عن أبي حنيفة أن من مذهبه جواز التيمم إذا تعذر الماء الموجود بسبب قوة قاهرة حيث يكون ذلك بمثابة عدم وجوده بحيث لو كان هناك بئر ليس عنده أداة لاستخراج الماء بها أو كان عنده خطر بوجود عدو أو سبع جاز للمسلم أن يتيمم. ووجاهة القول ظاهرة فيما نرى والله أعلم.
وهناك احتمال لم نطلع على قول أو أثر فيه وهو أن يكون مع المسافر ماء قليل لا يكفي لشربه ووضوئه واغتساله ولا يجد ماء في طريق سفره. ويتبادر لنا أن هذا يكون في حكم انفقاد الماء للوضوء والاغتسال ويبرر التيمم والله تعالى أعلم.
__________________
(١) التاج ج ١ ص ١١٣ ـ ١١٦.
(٢) المصدر نفسه.