حثّ وتشويق وترغيب بأسلوب نافذ. وهناك حديث رواه مسلم والترمذي وأبو داود عن جابر عن النبي صلىاللهعليهوسلم يحسن أن يورد في هذا المقام جاء فيه «لا تزال طائفة من أمتي يقاتلون على الحق ظاهرين إلى يوم القيامة. ولفظ أبي داود ظاهرين على من ناوأهم حتى يقاتل آخرهم المسيح الدجال. وفي لفظ مسلم لن يبرح هذا الدين قائما يقاتل عليه عصابة من المسلمين حتى تقوم الساعة» (١) حيث ينطوي في الحديث بشرى وتطمين نبويان رائعان في مداهما بأن أمر الله تعالى وهتافه في الآية سوف يظل متحققا مطاعا.
(أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكاةَ فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتالُ إِذا فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَخْشَوْنَ النَّاسَ كَخَشْيَةِ اللهِ أَوْ أَشَدَّ خَشْيَةً وَقالُوا رَبَّنا لِمَ كَتَبْتَ عَلَيْنَا الْقِتالَ لَوْ لا أَخَّرْتَنا إِلى أَجَلٍ قَرِيبٍ قُلْ مَتاعُ الدُّنْيا قَلِيلٌ وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ لِمَنِ اتَّقى وَلا تُظْلَمُونَ فَتِيلاً (٧٧) أَيْنَما تَكُونُوا يُدْرِكْكُمُ الْمَوْتُ وَلَوْ كُنْتُمْ فِي بُرُوجٍ مُشَيَّدَةٍ وَإِنْ تُصِبْهُمْ حَسَنَةٌ يَقُولُوا هذِهِ مِنْ عِنْدِ اللهِ وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَقُولُوا هذِهِ مِنْ عِنْدِكَ قُلْ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ اللهِ فَما لِهؤُلاءِ الْقَوْمِ لا يَكادُونَ يَفْقَهُونَ حَدِيثاً (٧٨) ما أَصابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللهِ وَما أَصابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ وَأَرْسَلْناكَ لِلنَّاسِ رَسُولاً وَكَفى بِاللهِ شَهِيداً (٧٩) مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطاعَ اللهَ وَمَنْ تَوَلَّى فَما أَرْسَلْناكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظاً (٨٠)) [٧٧ ـ ٨٠].
(١) بروج مشيّدة : البروج هنا بمعنى الحصون العالية. وهناك من قرأ (مشيدة) بضم الميم وتشديد الياء بمعنى المبنية بالجصّ الأبيض الذي كان من أسباب متانة البناء. وهناك من قرأها بفتح الميم وكسر الشين بمعنى مزينة أو حصينة.
في هذه الآيات :
(١) تساؤل إنكاري وتعجبي في مقام التنديد بفريق من المسلمين بسبب
__________________
(١) التاج ج ٤ ص ٣٠٤ و ٣٠٥.