اسمه ايبون فكان مما يقوله (إن المسيح ولد من يوسف والعذراء ولا نعلم متى وكيف قضى أجله) ونرجح أنه كان هناك كتب قديمة أخرى تقرر هذه الحقيقة مع حقائق عديدة أخرى مما يتسق مع تقريرات القرآن أحرقها رجال الكنيسة. وإذا كانت الأناجيل المعترف بها اليوم تقرر صلب المسيح فإن من الحقائق الثابتة أن هذه الأناجيل كتبت بعد عيسى عليهالسلام بزمن ما ، وكترجمة لحياته سمعت من الرواة. ولا يمكن أن يكون ما ذكروه يقينا قاطعا على صحة الصلب. ومع ذلك فهناك إنجيل يعزى إلى الحواري برنابا فلت من الحرق وهو ينكر الصلب ويقرر جلّ الحقائق التي يقررها القرآن في عيسى. وإنكار النصارى لهذا الإنجيل لا يثبت بطلان ما فيه بما في ذلك عدم الصلب بطبيعة الحال.
والفريق النصراني الذي ذكرت آيات المائدة إيمانه بالنبي والقرآن نتيجة لما سمعه من الحق الذي يعرفه ليس هو الوحيد الذي آمن بسبب ذلك. فقد ذكرت آيات عديدة مكية ومدنية ذلك عن جماعات عديدة من أهل الكتاب مما انطوى في آيات سورة القصص [٥٢ ـ ٥٥] والإسراء [١٠٧ ـ ١٠٨] والرعد [٣٥] والأنعام [٢٠ و ١١٤] والعنكبوت [٤٧] وغيرها وغيرها. ونعتقد أن هذا هو الذي جعل النصارى في بلاد الشام والعراق ومصر وشمال إفريقية والأندلس يقبلون على الإسلام ويدخلون فيه أفواجا حتى دان معظمهم به خلال ردح غير طويل من الزمن.
ولقد روى الطبري وغيره روايات عديدة عن وهب بن منبه وغيره من علماء الأحبار من مسلمة اليهود وغيرهم من التابعين في صدد ما كان من مطاردة اليهود لعيسى بقصد القبض عليه وقتله. وفي صدد جملة (وَلكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ) منها ما ورد في بعض الأناجيل المتداولة اليوم ومنها ما لم يرد. ومن هذا أن المسيح جمع الحواريين في بيت فجاء الذين صمموا على القبض عليه وقتله فأحاطوا بالبيت ثم دخلوا فإذا جميع من في البيت في صورة عيسى فقالوا لهم لتقرّن من هو عيسى حقيقة أو لنقتلنكم فقال عيسى من يشتري منكم نفسه وله الجنة فقال أحدهم