تكن دعوته أو دعواه شاذة. وأن اليهود قد آمنوا بهؤلاء الأنبياء الذين أوحى الله إلى النبي بمثل ما أوحاه إليهم. وتطابقت دعوتهم مع دعوته ودعوته مع دعوتهم وحالتهم مع حالته. وإن جحود اليهود برسالته وتعجيزه وتحديه بالمطالب ليس إلّا من سوء النية وخبث الطوية التي عرفوا بها هم وآباؤهم من قبل. والله شاهده ومؤيده وكفى به شاهدا ومؤيدا.
والآيات قوية الأسلوب قوية الإلزام والإفحام فيما احتوته من مقاصد ومعاني التدعيم والتطمين والبرهان كما هو واضح. ومن شأنها بعث القناعة والطمأنينة والثقة في ذوي النيات الحسنة والقلوب النقية. وأسلوبها من أساليب القرآن المتكررة في مخاطبة العقل والقلب في صدد تدعيم صحة نبوة النبي وصدق دعوته ورسالته وكونها شيئا طبيعيا ليس فيها ما يستدعي العجب والإنكار. وكون إنكارها والمكابرة فيها هما اللذان يستدعيان العجب. وهو أسلوب امتاز به القرآن والرسالة المحمدية العظمى.
وجملة (لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ) من العبارات القرآنية الحاسمة التي تضمنت حكمة إرسال الله الرسل وإنزال الكتب والشرائع عليهم حتى يتبين الناس طريق الحق والهدى والخير والعدل من طريق الباطل والضلال والشر والظلم مما قد لا يتبينه جميع الناس بمداركهم الخاصة ويستحق كل منهم جزاءه الدنيوي والأخروي وفاقا لما يختار مما هو متسق مع التقريرات القرآنية العامة. حتى لا يبقى لهم حجة يحتجون بها.
وقد يقال إن الله جلّ عن أن يكون للناس عليه حجة ما ـ وهو الخالق البارئ المطلق التصرف في خلقه. وهذا حق من دون ريب ـ ولكن لمّا اقتضت حكمته أن يحاسب الناس على أعمالهم ويجزون عليها في الدنيا والآخرة اقتضت حكمته ورحمته أن يعلن لهم أنه لم يبق لهم حجة يحتجون بها بعد ما أرسل إليهم الرسل وأنزل عليهم الكتب جريا على أسلوب الإعذار المعتاد في التخاطب البشري.
وأسماء الأنبياء المذكورة في الآيات وردت في مواضع عديدة أخرى في سور