ينظر ما ينزل في أمرها مفصلا ثم نزلت بعدها آيات المواريث فأمر بقسمة التركة وفقا لذلك (١). ورووا أن الآية الرابعة أي [١٠] نزلت في رجل من غطفان أكل مال ابن أخيه اليتيم (٢).
والروايات متسقة مع مدى الآيات. وإن لم ترد في الصحاح وهذا لا يمنع احتمال صحتها على أن الذي يتبادر لنا أن الآيات منسجمة مع بعضها أولا وليست منقطعة الصلة بسابقاتها ولا حقاتها موضوعا وسياقا ثانيا. وجملة (نَصِيباً مَفْرُوضاً) بخاصة قرينة على صلتها بلا حقاتها التي تبين نصيب كل صاحب حقّ في الإرث ؛ بحيث يصحّ أن يقال إن هذه الآيات وما بعدها قد نزلت معا. وأن ما روته الروايتان من أحداث كانت مناسبة لنزول هذا الفصل.
وقد اختلفت الأقوال التي يرويها المفسرون عن أهل التأويل من أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوسلم وتابعيهم فيما إذا كانت الآية [٨] منسوخة بآيات المواريث الواردة بعد أم محكمة (٣). وقد عزي القولان لابن عباس! والقول الثاني هو الأوجه فيما هو المتبادر وهو ما عليه الجمهور لأن هذه الآية كما يتبادر من روحها ومن الآية السابقة لها أنها في صدد الذين لا تخولهم درجة قرابتهم نصيبا في الإرث. فلا محل للقول أنها نسخت بآيات المواريث.
ولقد روى المفسرون (٤) عن بعض أصحاب رسول الله وتابعيهم أن هذه الآية في معرض الإيعاز على المشرف على الموت بالوصية للفئات المذكورة فيها. ونصّ الآية لا يتحمل ذلك فيما نرى لأنه يقرر أمرا بعد موت صاحب المال وإن كان القول في حد ذاته لا يخلو من وجاهة متسقة مع إيجاب القرآن على المسلم الذي يحضره الموت الوصية إذا ترك خيرا أي مالا على ما جاء في الآية [١٨٠] من
__________________
(١) انظر تفسير الطبري والخازن.
(٢) انظر تفسير الخازن.
(٣) انظر كتب تفسير الطبري والبغوي وابن كثير والخازن وغيرهم.
(٤) انظر المصدر نفسه.