نخل قريب من المسجد فاغتسل ثم دخل المسجد فقال أشهد أن لا إله إلّا الله وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. يا محمد والله ما كان على الأرض وجه أبغض إليّ من وجهك فقد أصبح وجهك أحبّ الوجوه كلّها إليّ. والله ما كان من دين أبغض إليّ من دينك فأصبح دينك أحبّ الدين كلّه إليّ والله ما كان من بلد أبغض إليّ من بلدك فأصبح بلدك أحبّ البلاد كلّها إليّ. وإنّ خيلك قد أخذتني وأنا أريد العمرة فماذا ترى فبشّره النبي صلىاللهعليهوسلم وأمره أن يعتمر فلما قدم مكة قال له قائل أصبوت قال لا ولكني أسلمت مع رسول الله. ولا والله لا يأتيكم من اليمامة حبة حنطة حتى يأذن فيها رسول الله صلىاللهعليهوسلم» (١).
وروى البخاري وأبو داود عن مروان حديثا فيه حادث منّ آخر لسبي هوازن بعد أن تقرر استرقاقه وقسم على المسلمين. وفيه صورة رائعة من صور مشاورة النبي صلىاللهعليهوسلم للمسلمين واسترضائه إياهم جاء فيه «جاء وفد هوازن مسلمين إلى النبي وسألوه أن يردّ إليهم أموالهم وسبيهم (وكان المسلمون استولوا عليها في يوم حنين) فقال لهم أحبّ الحديث إليّ أصدقه فاختاروا إحدى الطائفتين إما السبي وإما المال وقد كنت استأنيت بهم فكان النبي انتظر آخرهم بضع عشرة ليلة حين قفل من الطائف. قالوا إنا نختار سبينا فقام رسول الله في المسلمين فأثنى على الله بما هو أهله ثم قال أما بعد فإنّ إخوانكم هؤلاء قد جاؤوا تائبين وإني رأيت أن أردّ إليهم سبيهم. من أحبّ أن يطيّب فليفعل ومن أحبّ منكم أن يكون على حظه حتى نعطيه إياه من أول ما يفيء الله علينا فليفعل فقال الناس طيّبنا ذلك لهم يا رسول الله. فقال لهم رسول الله إنا لا ندري من أذن منكم في ذلك ممن لم يأذن فارجعوا حتى يرفع إلينا عرفاؤكم أمركم فرجع الناس فكلّمهم عرفاؤهم ثم رجعوا إلى النبي صلىاللهعليهوسلم فأخبروه أنهم قد طيّبوا وأذنوا» (٢) وشيء من هذا روي في صدد سبي بني المصطلق حيث روي أن النبي صلىاللهعليهوسلم أغار عليهم وقتل بعضهم وسبى سبيا منهم وكانت جويرية بنت الحارث زعيمهم من السبي وقسم السبي على أصحابه فوقعت
__________________
(١) التاج ج ٤ ص ٣٥٢ ـ ٣٥٤.
(٢) المصدر نفسه ص ٣٥٥.