(وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجاهِدِينَ مِنْكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَا أَخْبارَكُمْ (٣١)) [٣١].
المتبادر أن الخطاب في الآية موجّه إلى المؤمنين إطلاقا من قبيل الالتفات والتعقيب على ما حكته الآيات السابقة من مواقف وحالات المنافقين : حيث نبهوا فيها إلى أن الله إنما يختبرهم بالجهاد والأمر به حتى يمتاز المجاهدون والصابرون والمخلصون من غيرهم. وتظهر أعمال ومواقف كل منهم.
وقد احتوت بيان حكمة الله فيما فرض وأمر من شأنها بعث الطمأنينة والبشرى والصبر والرغبة في التضحية في نفوس المخلصين وإثارة الحافز والارعواء في المنافقين والمترددين.
(إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللهِ وَشَاقُّوا الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ ما تَبَيَّنَ لَهُمُ الْهُدى لَنْ يَضُرُّوا اللهَ شَيْئاً وَسَيُحْبِطُ أَعْمالَهُمْ (٣٢) يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَلا تُبْطِلُوا أَعْمالَكُمْ (٣٣) إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللهِ ثُمَّ ماتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ فَلَنْ يَغْفِرَ اللهُ لَهُمْ (٣٤)) [٣٢ ـ ٣٤].
عبارة الآيات واضحة واتصالها بالسياق السابق ظاهر. وفيها عود على بدء في الإيذان بأن الله سيحبط مكائد وأعمال الكفار الصادين عن سبيل الله والمشاقين لرسوله برغم ما ظهر لهم من أعلام الهدى. وبأنهم لن يضروا الله شيئا بأعمالهم وبأنه لن يغفر لمن يموت منهم على حاله هذه ، وفيها في الوقت نفسه هتاف بالمؤمنين بإطاعة الله ورسوله وعدم إبطال ثمرة إيمانهم بالانحراف عن ذلك بأي شكل.
وفي الآيات توطيد لأوامر الله ورسوله وبخاصة في أمر الجهاد الذي كان موضوع الكلام في الفصل السابق. وتحذير للمخلصين من الانحراف وحفز للكفار على الارعواء قبل الموت.
وقد قال بعض المفسرين إن الكفار المعنيين هنا هم أهل الكتاب (١).
__________________
(١) الطبرسي.