التقصير فيه. ودلالة ذلك على ضعف إيمان وعقول المقصرين مما أكدته آيات كثيرة مرّت أمثلة عديدة منها.
ولعل ما احتوته الفقرة الأولى من وصف للحياة الدنيا وتقرير لكون الإيمان والتقوى هما اللذان يجب أن يتصف بهما المسلم الصادق ، وهما اللذان يمكن أن يعودا عليه من هذه الحياة بالنفع والأجر متصل بذلك. وفي كل هذا تلقينات مستمرة المدى كما هو المتبادر. ويلفت النظر بخاصة إلى الإنذار الرهيب المستمر المدى كذلك للمسلمين الذين يسمعون القرآن وقت نزوله وجلّهم من العرب إذا هم قصروا وبخلوا في الإنفاق في سبيل الله تعالى ينطوي فيه إنذار بزوالهم أو زوال عزهم واستعلاء غيرهم عليهم.
وواضح من هذا الشرح الذي نرجو أن يكون فيه الصواب أن ما جاء في الآية الأولى من وصف للحياة إنما هو بسبيل حفز المسلمين على التزام الأفضل والأكرم والأبقى والمؤدي إلى رضاء الله فيها وهو الإيمان والتقوى.
ولقد روى الطبري بطرقه على هامش الآية الأخيرة حديثا عن أبي هريرة قال «نزلت هذه الآية وسلمان الفارسي إلى جنب رسول الله صلىاللهعليهوسلم تحكّ ركبته ركبته فقالوا يا رسول الله ومن الذين إن تولّينا استبدلوا بنا ثم لا يكونوا أمثالنا فضرب فخذ سلمان ثم قال هذا وقومه» وقد روى هذا الحديث البغوي أيضا ورواه الترمذي وهذا نصّ الترمذي عن أبي هريرة قال «قال ناس من أصحاب النبي صلىاللهعليهوسلم يا رسول الله من هؤلاء الذين ذكر الله إن تولّينا استبدلوا بنا ثم لا يكونوا أمثالنا قال وكان سلمان بجنب النبي فضرب على فخذه وقال هذا وأصحابه. والذي نفسي بيده لو كان الإيمان منوطا بالثريّا لتناوله رجال من فارس» (١) ومع ذلك فإن الطبري يروي عن شريح بن عبيد وعبد الرحمن بن جبير من التابعين أن المقصود بهم أهل اليمن. كما أن البغوي يروي عن الكلبي أنهم كنده والنخع (٢). ولقد أورد ابن كثير نصّ
__________________
(١) التاج ج ٤ ص ٢١٠ ـ ٢١١.
(٢) قبيلتان يمانيتان.