ويلحظ أن عدة المطلقات اللائي يحضن لم تذكر هنا. وذلك لأنها ذكرت في آية سورة البقرة [٢٢٧] وهي ثلاثة قروء. ومدة الأشهر الثلاثة المعينة هنا تعدل مدة القروء الثلاثة. وقد روى البغوي أن خلاد بن النعمان قال «يا رسول الله ما عدة من لا تحيض والتي لم تحض وعدة الحبلى فأنزل الله الآية» وروى ابن كثير أن أبيّ بن كعب قال «يا رسول الله إنّ عددا من عدد النساء لم تذكر في الكتاب : الصغار والكبار وأولات الأحمال فأنزل الله الآية».
والآيتان معطوفتان على ما قبلهما. واستمرار للسياق السابق في موضوع واحد. وهذا لا يمنع أن يكون قد وقع سؤال عن الأمور التي احتوتها الآية الأولى في جملة ما وقع من ذلك في صدد ما احتوته الآيات السابقة. وهذا مألوف في التنزيل القرآني مما مرّ منه أمثلة كثيرة.
والأمر بتطليق النساء لعدتهن هو بسبيل منح الزوج فرصة لمراجعة زوجته أثناء العدة. ولما كانت عدة الحامل هي وضع حملها فتكون هذه الفرصة للزوج ممتدة إلى هذا الوقت طال أو قصر كما هو المتبادر. فإذا لم يراجع الزوج زوجته قبل وضعها فيكون قد أضاع الفرصة وتكون قد طلقت منه طلقة بائنة أسوة بمن لا يراجع زوجته غير الحامل والتي يأتيها الحيض أثناء عدتها التي هي ثلاثة قروء أو ثلاثة أشهر. وحينئذ تتوقف مراجعة الزوج لزوجته على عقد جديد ومهر جديد وتراض بين الزوجين دون ما حاجة إلى أن تنكح زوجا آخر إذا لم تكن التطليقة هي الثالثة على ما شرحناه في سياق تفسير آية البقرة [٢٢٧] شرحا يغني عن التكرار.
ومع أن الكلام هو في صدد عدة الزوجات المطلقات فقد روى المفسرون أحاديث نبوية تجعل عدة الحامل المتوفى عنها زوجها هي وضع حملها أيضا ، وأحد هذه الأحاديث رواه البخاري عن أبي سلمة قال «جاء رجل إلى ابن عباس وأبو هريرة جالس عنده فقال أفتني في امرأة ولدت بعد زوجها بأربعين ليلة فقال ابن عباس آخر الأجلين قلت أنا (وَأُولاتُ الْأَحْمالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَ) قال أبو هريرة أنا مع أبي سلمة فأرسل ابن عباس غلامه كريبا إلى أم سلمة يسألها فقالت