ما تأمرني أن أصنع في مالي؟ فنزلت (يُوصِيكُمُ اللهُ فِي أَوْلادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ)» (١) ومنها حديث رواه البخاري وأبو داود عن ابن عباس قال «كان المال للولد وكانت الوصية للوالدين فنسخ الله من ذلك ما أحبّ فجعل للذكر مثل حظّ الأنثيين وجعل للأبوين لكل واحد منهما السدس والثلث وجعل للمرأة الثمن والربع وللزوج الشطر والربع» (٢) ومنها حديث رواه أبو داود والترمذي عن جابر قال «جاءت امرأة سعد بن الربيع بابنتيها من سعد إلى رسول الله فقالت يا رسول الله هاتان ابنتا سعد بن الربيع قتل أبوهما معك يوم أحد شهيدا. وإن عمّهما أخذ مالهما فلم يدع لهما مالا ولا تنكحان إلا ولهما مال. قال يقضي الله في ذلك فنزلت آيات المواريث (يُوصِيكُمُ اللهُ فِي أَوْلادِكُمْ ...) فبعث رسول الله صلىاللهعليهوسلم إلى عمّهما فقال أعط ابنتي سعد الثلثين وأعط أمهما الثمن وما بقي هو لك» (٣) ومنها رواية عن السدي قال «كان أهل الجاهلية لا يورثون الجواري ـ أي البنات ـ ولا الضعفاء من الغلمان ولا يرث الرجل من ولده إلّا من أطاق القتال ، فمات عبد الرحمن بن ثابت وترك امرأة وخمس بنات فجاء الورثة فأخذوا ماله فشكت امرأته إلى النبي صلىاللهعليهوسلم فأنزل الله الآيات (٤).
وهذه الأحاديث تقتضي أن تكون الآيات نزلت مجزّأة في مناسبات مختلفة ويلحظ أن بعضها سيق كمناسبة لبعض الآيات السابقة. والذي يتبادر لنا من انسجام الآيات من أول السورة إلى آخر هذه الآيات وتسلسلها سياقا وموضوعا أنها نزلت في ظرف واحد دفعة واحدة أو تباعا لتحتوي ما احتوته من تشريعات وتحذيرات وتحديدات متنوعة متناسبة في صدد حقوق الأيتام واليتيمات وأموالهم وحقوق الزوجات ومهورهن والعدل بينهن وحقوق أصحاب الحق في التركات من رجال ونساء.
__________________
(١) التاج ج ٤ ص ٨٠.
(٢) المصدر نفسه.
(٣) التاج ج ٢ ص ٢٣٢.
(٤) الخازن.