والعقاب في الآخرة ، لأنه لا يكون هناك إلا الإنسان وعمله (١). ونحن نتوقف في هذا بعض الشيء. فما دام الزاني والزانية من العبيد والإماء يوقع عليهما حدّ الزنا فلا يصحّ أن يعفى قاذفهما إذا لم يثبت التهمة عليهما من العقاب. وهذا متسق مع نص الآية وإطلاقها. وبخاصة مع التأويل الأكثر وجاهة لكلمة المحصنات. وهو العفيفات. والله تعالى أعلم.
(وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْواجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَداءُ إِلاَّ أَنْفُسُهُمْ فَشَهادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهاداتٍ بِاللهِ إِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ (٦) وَالْخامِسَةُ أَنَّ لَعْنَتَ اللهِ عَلَيْهِ إِنْ كانَ مِنَ الْكاذِبِينَ (٧) وَيَدْرَؤُا عَنْهَا الْعَذابَ أَنْ تَشْهَدَ أَرْبَعَ شَهاداتٍ بِاللهِ إِنَّهُ لَمِنَ الْكاذِبِينَ (٨) وَالْخامِسَةَ أَنَّ غَضَبَ اللهِ عَلَيْها إِنْ كانَ مِنَ الصَّادِقِينَ (٩) وَلَوْ لا فَضْلُ اللهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ وَأَنَّ اللهَ تَوَّابٌ حَكِيمٌ (١٠)) [٦ ـ ١٠].
(١) ويدرأ عنها العذاب : بمعنى : ويسقط عنها الحدّ.
في الآيات الثلاث الأولى تشريع لحالة تهمة زوج لزوجته بالزنا ولم يكن لديه شهود إلّا نفسه. فشهادته خمس مرات على الوارد في الآيتين الأولى والثانية تقوم مقام الشهود وتوجب حدّ الزنا على الزوجة. غير أن هذا الحد يسقط عنها إذا شهدت هي الأخرى بعده خمس شهادات على الوجه الوارد في الآيتين الثالثة والرابعة.
أما الآية الخامسة فإنها تنطوي على تلقين لما في هذا التشريع من حكمة سامية. وحل حكيم لموقف محرج وإشكال مزعج. فلو لا فضل الله على المسلمين ورحمته ولو لا أنه توّاب عليم حكيم بهم لكان في الموقف إزعاج وإحراج شديدان لهم.
__________________
(١) إعلام الموقعين ج ٢ ص ٣٦.