(إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ وَاللهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ (١٩) وَلَوْ لا فَضْلُ اللهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ وَأَنَّ اللهَ رَؤُفٌ رَحِيمٌ (٢٠)) [١٩ ـ ٢٠].
(١) الفاحشة : هنا بمعنى الأمور القبيحة أو أخبار السوء.
الآيتان متصلتان بالآيات السابقة سياقا وموضوعا ومعقبتان عليها كما هو المتبادر. وقد احتوت أولاهما تنديدا بالذين يحبون أن تنتشر أخبار السوء وأفعال القبح والفواحش في أوساط المؤمنين وإنذارا لهم. وإيعازا بوجوب تأديبهم في الدنيا بالإضافة إلى ما سوف يكون لهم من عذاب أليم في الآخرة. وإيذانا بأن الله يعلم كل شيء ومقتضيات الأمور ، دون السامعين المخاطبين وهم المسلمون. واحتوت ثانيتهما تذكيرا بما شملهم الله به من فضله ورحمته بحيث كانت العواقب تسوء لو لا هما. ولكن الله الرؤوف الرحيم قد تداركهم. فانقضى الحادث على خير وسلام. كأنما تؤكد عليهم مرة أخرى بوجوب الحذر من التورّط في مثله مرة أخرى.
وفي الحديث الذي رواه الترمذي عن عائشة وأوردناه قبل خبر إقامة النبي صلىاللهعليهوسلم على رجلين وامرأة حد القذف حيث يتبادر أن ذلك تنفيذ للإيعاز الذي احتوته الآية الأولى.
وأسلوب الآيتين تقريري عام ينطوي فيه تلقين قوي عام الشمول والاستمرار بوجوب الوقوف من مثل تلك الفئة التي تحب أن تشيع الفاحشة في أوساط المسلمين موقف الشدة والتأديب والتنكيل في كل ظرف ومكان. وفي هذا ما فيه من الحقّ والحكمة.
ولقد أورد ابن كثير في سياق هذه الآية حديثا عن ثوبان أخرجه الإمام أحمد عن النبي صلىاللهعليهوسلم قال «لا تؤذوا عباد الله ولا تعيروهم ولا تطلبوا عوراتهم فإنه من طلب عورة