النطاق الذي يجب أن لا تتعداه الوصية. وقد شرحنا ذلك وأوردنا ما في صدده من أحاديث في سياق شرح آيات البقرة فلا نرى محلا للزيادة أو الإعادة.
وتكرار توكيد وجوب تنفيذ وصية المورث وتسديد ديونه وتقديم ذلك على حقوق الوارثين ذو مغزى خطير بما فيه من الاتساق مع مقتضيات الحق والإنصاف والبرّ والإحسان التي قررها القرآن في مختلف المناسبات. وهو في أصله طبيعي لأن الديون والوصايا حقوق ثابتة في التركة للغير. والوارث إنما يحق له ما يفضل من تركة الميت بعدها.
وتعبير (غَيْرَ مُضَارٍّ) مطلق. ومع أنه جاء في الآية الثانية فقط فإن إطلاقه قد يسوغ القول بأنه شامل لما جاء في هذه الآية وفي الآية الأولى معا.
وإطلاقه يسوغ القول كذلك أن ما انطوى فيه من النهي عن المضارة موجه للمورث حين يستدين وحين يوصي وللورثة حين يقتسمون التركة وينفذون الوصية ويسددون الدين. وإن مما يشمله الأمر أن لا يتعمد المورث الإضرار بورثته في المبالغة في المنح والاستغراق في الدين. وأن لا ينسى في الوقت نفسه الوصية لأولي القربى واليتامى والمساكين. وأن لا يتعنت الورثة في أداء ما على التركة من حقوق للغير أي ديون ووصايا. ولا في إعطاء كل ذي حقّ حقّه من الورثة حسب أحكام الآيات وسنة الرسول.
وتلقين هذا التعبير بهذا الشرح جليل متصل بمبادىء العدل والإنصاف والبرّ القرآنية ومستمر المدى كما هو واضح.
ولقد روى الطبري بطرقه عن ابن عباس عن النبي صلىاللهعليهوسلم حديثا جاء فيه «قال النبي صلىاللهعليهوسلم الضرار في الوصية من الكبائر» وروى هذا الحديث من طرق أخرى غير منسوب إلى النبي صلىاللهعليهوسلم وكأنه من أقوال ابن عباس وبصيغ أخرى منها «الضرار والحيف من الكبائر». وأورد ابن كثير حديثا رواه الإمام أحمد عن أبي هريرة قال «قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم إن الرجل ليعمل بعمل أهل الخير سبعين سنة فإذا أوصى وحاف في وصيته فيختم له بشرّ عمله فيدخله النار وإن الرجل ليعمل بعمل أهل