وجمهور المفسرين على أن هذا الفريق من النساء هن اللاتي تقدمن في السن وتجاوزن حدّ الشهوة الجنسية. ولقد روى البغوي عن ربيعة الرأي أحد قدماء علماء الحديث أنهن العجّز اللاتي إذا رآهن الرجال استقذروهن. وإن التي فيها بقية من جمال وهي محل شهوة فلا تدخل في مدى هذه الآية. وليس بين القولين تعارض كما هو ظاهر. والمعنى المشترك هو أن لا يكنّ محل شهوة سنّا وشكلا وبنية. وقد يصح أن يضاف إلى هؤلاء فريق المشوهات والدميمات أو المبتليات بعاهات وأمراض تجعلهن غير مرغوبات فيهن جنسيا ولو لم يكنّ متقدمات في السن. وعلى كل حال فالآية متسقة في روحها ونصها مع الآيات الأخرى ، ومع ما استهدفته من إيجاب الحشمة على المرأة وعدم التورط في أسباب الفتنة والتعرض لأذى الألسنة. وهي من جهة أخرى مؤيدة لما استلهمناه من الآية [٣١] من أنها ليست بسبيل إيجاب التنقب على المرأة وعدم بروزها وسفورها. فالنساء فريقان : فريق مثار فتنة فهو مأمور بستر مفاتنه وزينته التي ليس من العادة والطبيعة ظهورها ، وفريق ليس كذلك فهو غير مأمور بالتشدد ولكنه مدعو على كل حال إلى الاحتشام والاعتدال.
(لَيْسَ عَلَى الْأَعْمى حَرَجٌ وَلا عَلَى الْأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ وَلا عَلى أَنْفُسِكُمْ أَنْ تَأْكُلُوا مِنْ بُيُوتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ آبائِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أُمَّهاتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ إِخْوانِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَخَواتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَعْمامِكُمْ أَوْ بُيُوتِ عَمَّاتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَخْوالِكُمْ أَوْ بُيُوتِ خالاتِكُمْ أَوْ ما مَلَكْتُمْ مَفاتِحَهُ أَوْ صَدِيقِكُمْ لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَنْ تَأْكُلُوا جَمِيعاً أَوْ أَشْتاتاً فَإِذا دَخَلْتُمْ بُيُوتاً فَسَلِّمُوا عَلى أَنْفُسِكُمْ تَحِيَّةً مِنْ عِنْدِ اللهِ مُبارَكَةً طَيِّبَةً كَذلِكَ يُبَيِّنُ اللهُ لَكُمُ الْآياتِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (٦١)) [٦١].
(١) أو ما ملكتم مفاتحه : ما يكون في تصرفكم وملككم. وجمهور