شاملة للرجال الذين يأتون الفاحشة أيضا المذكورين في الآية التالية لها على ما هو المتبادر من حيث إن العقوبة المترتبة عليهم لا توقع إلّا بعد ثبوت جريمتهم بالطرق التي تثبت جريمة النساء. باستثناء الحبل بطبيعة الحال. أي بالشهادة التي عبر عنها في حديث ابن عباس بالبينة أيضا أو الاعتراف.
وجملة (فَإِنْ تابا وَأَصْلَحا فَأَعْرِضُوا عَنْهُما) تفيد كما هو المتبادر أمرا بالكف عن أذاهما إذا أظهرا الندم والتوبة والصلاح. وهذا شرط قبول توبة التائب على ما جاء في آيات عديدة وشرحناه شرحا وافيا في سياق تفسير سورة الفرقان. ولعل كلمة (وَأَصْلَحا) بخاصة تنطوي في مقامها على إيجاب تلافي نتائج الفاحشة مما قد يدخل فيه التعويض والزواج. والله أعلم.
وفي الآيتين [١٧ ـ ١٨] اللتين جاءتا استطراديتين في صدد التوبة زيادة مهمة جديرة بالتنويه حيث توجب على المذنبين الإسراع في التوبة والصدق فيها وتنبه على أن تأخير التوبة إلى ساعة الموت يجعلها غير مقبولة عند الله. وفي هذا ما فيه من التلقين البليغ. فالتوبة إنما فتح بابها للناس حتى يندموا ويرعووا ويصلحوا ما أفسدوا وهم في متسع من حياتهم ومتعة من صحتهم وعمرهم.
هذا ، وجملة (فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةً) وجملة (فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ) وجملة (فَآذُوهُما) وجملة (فَأَعْرِضُوا عَنْهُما) وإن تكن موجهة للمسلمين فالمتبادر أن محل توجيهها في الدرجة الأولى هو أولو الأمر والشأن والحكم والسلطان منهم. وقد ذكر ذلك المفسر الخازن فيما ذكره في صدد ذلك. وهو حق لأنهم هم الذين يؤهلهم مركزهم واحترام الناس لأوامرهم ونواهيهم لاستشهاد الشهود والحكم بحبس النساء في البيوت وضرب الرجال وتعزيرهم. وهذا يعني بالتبعية أن هذه الأمور منوطة في الدرجة الأولى بهم وأن من واجب المسلمين رفعها إليهم. وعدم التصرف فيها مباشرة لما يؤدي إليه ذلك من فوضى وأخطاء وأهواء.
هذا ولقد رأى المعتزلة في جملة (إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللهِ) تأييدا لمذهبهم بأنه