وفي سياق الآية [٥٥] من سورة النور التي سبق تفسيرها شرح لمدى جملة (الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ) الموعودين بالاستخلاف والتمكين وما كان من مراحل ذلك منذ حياة النبي صلىاللهعليهوسلم واستمراره بعده فنكتفي هنا بما تقدم.
والآية الثانية من الآيات التي نحن في صددها أي الآية [٦] قد حكت أقوال عيسى عليهالسلام لبني إسرائيل التي منها أنه مبشّر برسول يأتي من بعدي اسمه أحمد. وهذا الاسم مرادف في المعنى والاشتقاق لاسم محمد الوارد في القرآن والذي كان يتسمى به النبي صلىاللهعليهوسلم منذ طفولته على ما هو متواتر يقيني. وأحمد صيغة تفضيل من الحمد.
ولقد أورد ابن كثير في سياق ذلك حديثا رواه البخاري أيضا عن جبير بن مطعم قال «قال النبيّ صلىاللهعليهوسلم إنّ لي أسماء أنا محمد ، وأنا أحمد ، وأنا الماحي الذي يمحو الله بي الكفر ، وأنا الحاشر الذي يحشر الناس على قدمي ، وأنا العاقب». وحديثا آخر رواه مسلم عن أبي موسى الأشعري جاء فيه «كان رسول الله صلىاللهعليهوسلم يسمي لنا نفسه أسماء فقال أنا محمد ، وأنا أحمد ، والمقفّي ، والحاشر ونبي الرحمة ونبي التوبة».
وفي سورة الإسراء هذه الآيات (قُلْ آمِنُوا بِهِ أَوْ لا تُؤْمِنُوا إِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهِ إِذا يُتْلى عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ لِلْأَذْقانِ سُجَّداً (١٠٧) وَيَقُولُونَ سُبْحانَ رَبِّنا إِنْ كانَ وَعْدُ رَبِّنا لَمَفْعُولاً (١٠٨)) حيث أريد القول والله أعلم أنهم رأوا في بعثة النبي محمد صلىاللهعليهوسلم تحقيقا لوعد الله الذي بشر به عيسى فما كان منهم إلا أن آمنوا وخشعوا.
ولقد جاء في آية سورة الأعراف [١٥٧] أن اليهود والنصارى كانوا يجدون النبي مكتوبا عندهم في التوراة والإنجيل. وأن منهم من آمن برسالته واتبعوه نتيجة لذلك. وقد حكت آيات أخرى أوردناها في سياق تفسير الآية المذكورة (١) إيمان
__________________
(١) اقرأ آيات آل عمران [١١٣ ـ ١١٥ و ١٩٩] والنساء [١٦٢] والمائدة [٨٢ ـ ٨٤] والأنعام [١١٤] والرعد [٣٦] والإسراء [١٠٧ ـ ١٠٨] والقصص [٥٢ ـ ٥٣] والأحقاف [١٠].