وزعماء اليمن وبعض أمراء الغساسنة وعمالهم. حيث بعثوا يعلمون النبي صلىاللهعليهوسلم بإسلامهم وإذعانهم (١). وأخذت وفود العرب ورجالاتهم يفدون إلى المدينة من مختلف الأنحاء ليدخلوا في دين الله (٢) ، ومن جملة من فعل ذلك رجلان من مشاهير رجال قريش وهما عمرو بن العاص وخالد بن الوليد رضي الله عنهما (٣).
ولقد روى الشيخان عن جابر قال «قال لنا النبي صلىاللهعليهوسلم يوم الحديبية أنتم خير أهل الأرض. وكنّا ألفا وأربعمائة. ولو كنت أبصر اليوم لأريتكم مكان الشجرة» (٤) وقد يكون النبي صلىاللهعليهوسلم أراد بهذا تبشير أصحابه وتطمينهم. وقد يلمح فيه أيضا قصد التساوق مع التلقين القرآني بالتنويه بالفتح المبين الذي تمّ في هذا اليوم للنبي والمؤمنين والله تعالى أعلم.
هذا ، ولقد تعددت الأقوال في تخريج وتأويل جملة (لِيَغْفِرَ لَكَ اللهُ ما تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَما تَأَخَّرَ) من ناحية النحو ومن ناحية المتناول (٥). فمما قيل من الناحية الأولى أنها بمعنى كي يجتمع لك مع الفتح المغفرة وتمام النعمة بالهداية والنصر. كما قيل إنها بمعنى أن الفتح كان سببا للمغفرة وتمام النعمة لأنه جهاد للعدو وفيه الثواب والمغفرة والرضاء الرباني وكلا القولين وارد ووجيه. وصيغة الآية تحتمل القولين.
ومما قيل من الناحية الثانية إنها بمعنى ما فرط منك قبل وما يمكن أن يفرط منك بعد من هفوات صغيرة. أو أنها بمعنى ما كان منك أو ما يمكن أن يكون من سهو وغفلة واجتهاد يكون غير الأولى في علم الله. أو إنها على طريق التوكيد كما يقال أعط من تراه ومن لم تره فيكون معناها ما وقع منك وما لم يقع هو مغفور لك.
__________________
(١) ابن هشام ج ٤ ص ٢٧٩ وابن سعد ج ٢ ص ٢٧ ـ ٥٦.
(٢) ابن سعد ج ٢ ص ٧١ ـ ١١٢ ـ ٢٢١.
(٣) ابن هشام ج ٣ ص ٣١٩.
(٤) التاج ج ٤ ص ٣٨٢ والشجرة هي التي بايع المسلمون النبي تحتها يوم الحديبية. وقد أشير إلى ذلك في آية من آيات السورة.
(٥) انظر كتب التفسير السابقة الذكر.