والنصّ على تحريم زوجة الابن من الصلب فقط وقيد تحريم الربائب بالدخول بأمهاتهن وما ورد من أحاديث حرمة الرضاع على ما سوف نورده بعد قد يكون قرائن على ما نقول.
والنصّ على تحريم زوجة الابن من الصلب فقط الذي خرج به تحريم زوجة الابن بالتبني من المحرمات قد يدل على أن هذه الآيات قد نزلت بعد إبطال تقليد التبني وتوابعه في سورة الأحزاب. ولعل ذلك من أسباب تقديم سورة الأحزاب على هذه السورة في روايات ترتيب النزول.
وقد نبّه المفسرون (١) والفقهاء ومنهم من عزا قوله إلى أهل التأويل من أصحاب رسول الله وتابعيهم على أن تعبير الأب في المحرمات يشمل الجد وتعبير الأم يشمل الجدة ، وتعبير الابن يشمل ابن الابن وبنت الابن ، وتعبير البنت يشمل ابن البنت وبنت البنت ، وتعبير العمة يشمل عمة الأب وعمة الأم ، وتعبير الخالة يشمل خالة الأب وخالة الأم. وهذا وجيه ومتسق مع روح الآيات وأساليب اللغة العربية ، ونبهوا كذلك على حرمة الجمع بين المرأة وعمتها أو خالتها استنادا إلى حديث رواه الخمسة عن أبي هريرة جاء فيه «أنّ النبي صلىاللهعليهوسلم قال لا يجمع بين المرأة وعمتها ولا بين المرأة وخالتها» (٢) وهذا تشريع نبوي لحالة سكت القرآن عنها. ونبهوا كذلك على حرمة وطء الرجل والدة أمته التي يستفرشها ولا بناتها من غيره ولا بنات أبنائها وبناتهم أيضا ولو كن ملك يمينه. وهو قول سديد. ولم نقع على قول في عمات الأمة التي يستفرشها سيدها وخالاتها أو الجمع بينها وبينهن. ويتبادر لنا أن هذا ينسحب عليه ذلك الأصل لأن تعليله جنسي ولا يتبدل في حالة الحرية والرق. والله أعلم. ونبهوا أيضا على أن زوجات الكفار داخلات في مدى عبارة (وَالْمُحْصَناتُ مِنَ النِّساءِ) محرمات على المسلمين على اعتبار أنهن ذوات أزواج سواء أكنّ مشركات أم كتابيات باستثناء ما يسبيه المسلمون من
__________________
(١) انظر تفسير الخازن وابن كثير والطبري والبغوي وغيرهم.
(٢) انظر أيضا التاج ج ٢ ص ٢٦٤.