لعمري. لقد كانت المتعة على عهد إمام المتقين «يعني النبي صلىاللهعليهوسلم» فقال له ابن الزبير فجرب بنفسك فو الله لئن فعلتها لأرجمنك بأحجاري» والحديثان يفيدان أن عبد الله بن الزبير يعتبر المتعة زنا يستحق حدّ الزنا. وأن عمر أوشك أن يعتبرها كذلك. غير أن الحديثين لم يردا في الصحاح وأن المستفاد من أقوال جمهور الفقهاء السنيين أنها وإن كانت محرمة فلا يوقع فيها حدّ الزنا للشبهة القائمة حول حلها وحرمتها عملا بالقاعدة الشرعية المشهورة (ادرأوا الحدود بالشبهات) (١) ونعتقد أن بين أئمة الشيعة الذين يقولون بإباحتها علماء مجتهدون وأتقياء ورعون يبعد أن يحرموا ويحللوا جزافا دون قناعة بقطع النظر عن احتمال الخطأ والصواب في ذلك. هذا إلى أنهم قد يرون في إباحة هذا النكاح حكمة وهي منع المسلم من الوقوع في إثم الزنا أو العنت الشديد بالحرمان. والله أعلم.
(وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلاً أَنْ يَنْكِحَ الْمُحْصَناتِ الْمُؤْمِناتِ فَمِنْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ مِنْ فَتَياتِكُمُ الْمُؤْمِناتِ وَاللهُ أَعْلَمُ بِإِيمانِكُمْ بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ فَانْكِحُوهُنَّ بِإِذْنِ أَهْلِهِنَّ وَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ مُحْصَناتٍ غَيْرَ مُسافِحاتٍ وَلا مُتَّخِذاتِ أَخْدانٍ فَإِذا أُحْصِنَّ فَإِنْ أَتَيْنَ بِفاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ ما عَلَى الْمُحْصَناتِ مِنَ الْعَذابِ ذلِكَ لِمَنْ خَشِيَ الْعَنَتَ مِنْكُمْ وَأَنْ تَصْبِرُوا خَيْرٌ لَكُمْ وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (٢٥) يُرِيدُ اللهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ وَيَهْدِيَكُمْ سُنَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَيَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَاللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (٢٦) وَاللهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ
__________________
(١) هذه القاعدة مستمدة من أحاديث عديدة منها حديث رواه الترمذي والحاكم والبيهقي جاء فيه (أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : ادرأوا الحدود عن المسلمين ما استطعتم فإن كان له مخرج فخلوا سبيله فإن الإمام لأن يخطىء في العفو خير من أن يخطىء في العقوبة) التاج ج ٣ ص ٣٣ ومنها حديث رواه ابن ماجه عن أبي هريرة قال (قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم ادفعوا الحدود ما وجدتم لها مدفعا) ومنها حديث رواه عبد الله بن مسعود مرفوعا (ادرأوا الحدود بالشبهات. ادفعوا القتل عن المسلمين ما استطعتم). نيل الأوطار للشوكاني ج ٧ ص ٢٧١ ـ ٢٧٢ الطبعة المنيرية.