فيه سبحانه : لأنّه جميل ، وأنّه محبوب ، وأنّه هو كلّها واحد. فالعبادة شكرا هي العبادة حبّا ، فافهم ذلك.
ولنرجع إلى ما كنّا فيه ، فنقول : وكأنّ ما ذكرناه من جهتي القصر في العبادة وما يلزمهما ، أعني التوحيد في العبادة ، ومعنى الحضور هو الوجه في الالتفات من الغيبة إلى الحضور وتقديم الضمير في قوله : (إِيَّاكَ نَعْبُدُ).
وروي بطريق عامّي في معناه عن الصادق ـ عليهالسلام ـ : «يعني : لا نريد منك غيرك ، لا نعبدك بالعوض والبدل ، كما يعبدك الجاهلون بك ، المغيّبون عنك». (١)
أقول : وقد اتّضح معناه ممّا مرّ آنفا.
واعلم : أنّه لا يبقى على ما مرّ من معنى (إِيَّاكَ نَعْبُدُ)، نقص في إظهار العبوديّة غير ما في دعوى العبد العبادة لنفسه ، وهي مملوكة له سبحانه ، فكأنّه تدورك ذلك في قوله : (وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ)، أي : إنّ الذي ننسبه من العبادة إلى أنفسنا إنّما ننسبه إلينا وندّعيه مع الاستعانة بك ، لا مستقلّين مدّعين ذلك دونك.
فقوله : (إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ) لإبداء معنى واحد ؛ وهو العبادة الكاملة ، وكأنّه لذلك شرّك بين الاستعانة والعبادة في السياق.
وقيل : (إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ) من دون أن يقال نحو من قولنا : إيّاك نعبد أعنّا واهدنا ، وسيجيء الوجه في تغيير السياق في قوله : (اهْدِنَا الصِّراطَ).
__________________
(١). تفسير الصافي ١ : ٨٤.