مَعَهُ لِيَفْتَدُوا بِهِ مِنْ عَذابِ يَوْمِ الْقِيامَةِ ما تُقُبِّلَ مِنْهُمْ وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ) (٣٦) [المائدة : ٣٦]. وكقوله : (وَإِنْ تَعْدِلْ كُلَّ عَدْلٍ لا يُؤْخَذْ مِنْها) [الأنعام : ٧٠] أى : وإن تفد بكلّ فدية ما تقبّل منها.
قال : (وَلا هُمْ يُنْصَرُونَ) (٤٨) : أى : لا أحد ينتصر لهم من بعد نقمة الله إيّاهم. هذا تفسير الحسن. وقال الحسن : الفدية يومئذ الإيمان ، أى : أن يقبل منهم وهم يومئذ يؤمنون فلا يقبل منهم.
قوله : (وَإِذْ نَجَّيْناكُمْ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذابِ) : أى : شدّة العذاب ، وتفسير (يَسُومُونَكُمْ) أى : يذيقونكم سوء العذاب (يُذَبِّحُونَ أَبْناءَكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِساءَكُمْ) : فلا يقتلونهنّ (وَفِي ذلِكُمْ بَلاءٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَظِيمٌ) (٤٩) : أى نعمة من ربّكم عظيمة (١) إذ نجاكم منهم.
قوله : (وَإِذْ فَرَقْنا بِكُمُ الْبَحْرَ) : يعني حين جازوا البحر (فَأَنْجَيْناكُمْ وَأَغْرَقْنا آلَ فِرْعَوْنَ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ) (٥٠) : يعني أوّليهم. وقال بعضهم : (وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ) (٥٠) كأنّما عهدكم بهم أمس.
قوله : (وَإِذْ واعَدْنا مُوسى أَرْبَعِينَ لَيْلَةً ثُمَّ اتَّخَذْتُمُ الْعِجْلَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَنْتُمْ ظالِمُونَ) (٥١) : أى لأنفسكم.
(ثُمَّ عَفَوْنا عَنْكُمْ مِنْ بَعْدِ ذلِكَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) (٥٢) : أى : لكي تشكروا. يعني التوبة التي جعلها الله لهم ، فقتل بعضهم بعضا فغلّظ عليهم في المتاب.
قوله : (وَإِذْ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ وَالْفُرْقانَ) : الكتاب التوراة ، والفرقان حلالها وحرامها. (لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ) (٥٣) : يقول : لكي تهتدوا بالكتاب وبالحلال والحرام.
__________________
(١) كذا في المخطوطات : «نعمة من ربّكم عظيمة» وهو الصواب ، وهو تفسير ابن عبّاس ومجاهد. وجاء في مجاز أبي عبيدة : «أي ما ابتليتم من شدّة. وفي موضع آخر : البلاء الابتلاء ، يقال : الثناء بعد البلاء ، أى الاختبار ، من بلوته ، ويقال : له عندي بلاء عظيم ، أى نعمة ويد ، وهذا من : ابتليته خيرا». وانظر وجوه معاني البلاء عند ابن قتيبة في كتابه : تأريل مشكل القرآن ص ٤٦٩ ـ ٤٧٠ ، وانظر تفسير الطبري ج ٢ ص ٤٨ ـ ٤٩.