النواحي تحتفظ بنسبتها إلى قبيلة هوّارة إلى يومنا هذا.
أمّا ما يتعلق بوالد المؤلّف محكّم الهوّاريّ فأودّ أن أستوقف القارئ قليلا لتحرّي وجه الصواب في ضبط هذا الاسم ، وقد بحثت طويلا في تحقيق أصله ومعناه ، فسألت بعض مشايخنا فوجدتهم يروونه بإسكان الحاء وتخفيف الكاف المكسورة أو المفتوحة ، على اختلاف بينهم. ثمّ عمدت إلى معاجم اللغة وكتب الرجال والأنساب ، فلم أجد من اشتهر بهذا الاسم في القديم غير محكّم بن الطفيل الحنفي ، صاحب اليمامة.
وكان المنتظر من ابن دريد أن يبيّن لنا اشتقاق هذا الاسم ويضبطه ويفصّل وجه تسميته ، كما فعل بكثير من الأسماء ، لأن هذا هو موضوع كتابه : الاشتقاق. ولكنه اكتفى بذكر الاسم ولم يعلّق عليه شيئا (١). وفي النصوص المطبوعة لدينا ورد هذا الاسم في كلّ من تاريخ الطبري (٢) ، وكامل ابن الأثير (٣) ، ومقاييس الثعالبي ، ولسان ابن منظور ، وقاموس الفيروز آبادي (٤) مضبوطا بفتح الحاء المهملة ، وتشديد الكاف المفتوحة ، هكذا بدون بيان شاف لأصل الاشتقاق.
وقال الجوهريّ في الصحاح : «ويقال أيضا : حكّمته في مالي إذا جعلت الحكم إليه فيه ... وقال : ومحكّم اليمامة [بفتح الكاف المشدّدة] رجل قتله خالد بن الوليد ...».
وقال : «وأمّا الذي في الحديث أنّ الجنة للمحكّمين فهم قوم من أصحاب الأخدود حكّموا وخيّروا بين القتل والكفر فاختاروا الثبات على الإسلام مع القتل» (٥).
وقال أبو عبيد القاسم بن سلّام حين ذكر محكّم اليمامة : «بعضهم يقول : محكّم ، وبعضهم يقول : محكّم ، بكسر الكاف المشدّدة وفتحها» (٦).
وهكذا نخلص إلى أنّ الكاف في محكّم وردت في أغلب المصادر بتشديد الكاف المفتوحة أو
__________________
(١) ابن دريد ، الاشتقاق ، ص ٣٤٠.
(٢) الطبري ، تاريخ الرسل والملوك ، ج ٣ ص ٢٧٨ ، ٢٩٤ ، ٢٩٥.
(٣) ابن الأثير ، الكامل ، ج ٢ ص ٣٦٤ ، ٣٦٥.
(٤) انظر لسان العرب ، والقاموس المحيط ، ومقاييس اللغة : (حكم).
(٥) الجوهري ، الصحاح ، ج ٥ ، ص ١٩٠٢ ، (حكم).
(٦) أبو عبيد القاسم بن سلام ، كتاب الأموال ، ص ٣٥٧.