وقال الكلبيّ : لّما هزم الله المشركين يوم بدر قالت اليهود : هو والله النبيّ الذي ذكر لنا ؛ لا والله لا ترفع له راية إلّا أظفره الله عليها ؛ فقال بعضهم لبعض : اتّبعوه ترشدوا وتفلحوا. وتربّصوا به إلى يوم أحد ؛ فلمّا نكب أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوسلم شكّت اليهود وارتابوا. فأنزل الله : (قَدْ كانَ لَكُمْ آيَةٌ فِي فِئَتَيْنِ الْتَقَتا ...) إلى آخر الآية.
قال : (وَاللهُ يُؤَيِّدُ بِنَصْرِهِ مَنْ يَشاءُ) : قال بعض المفسّرين : أى : ما أيّد به رسول الله من الملائكة ومن نصره. (إِنَّ فِي ذلِكَ لَعِبْرَةً لِأُولِي الْأَبْصارِ) (١٣) : أى متفكّرا (١) لأولي العقول ، وهم المؤمنون.
قوله : (زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَواتِ مِنَ النِّساءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَناطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالْأَنْعامِ وَالْحَرْثِ ذلِكَ مَتاعُ الْحَياةِ الدُّنْيا) : ذكروا عن الحسن أنّه قال : القنطار ألف دينار ومائتا دينار (٢). وقال بعضهم : ثمانية آلاف مثقال من ذهب أو فضّة. وقال بعضهم : القناطير المقنطرة المال الكثير ، بعضه على بعض.
وقال بعضهم : الخيل المسوّمة ، سيماها يعني غرّها وتحجيلها. وقال الحسن : الراعية (٣) ، قال : وهي مثل قوله : (شَجَرٌ فِيهِ تُسِيمُونَ) (١٠) [النحل : ١٠] أى : ترعون. وقال بعضهم : هي من السيما ، مثل قوله : (مُسَوِّمِينَ) [سورة آل عمران : ١٢٥] أى معلّمين. وقوله : (ذلِكَ مَتاعُ الْحَياةِ الدُّنْيا) ، والمتاع ما يستمتع به ثمّ يذهب. (وَاللهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الْمَآبِ) (١٤) : أى : حسن المرجع ، أى الجنّة للمؤمنين.
__________________
(١) كذا في ز : «متفكرا» ، وهو أصحّ ، وفي ق وع ود : «المعرفة». وفي المخطوطات الثلاث بعض النقص في تفسير الآية.
(٢) اختلف المفسّرون في أصل كلمة القنطار ووزنها ؛ فذهب بعضهم إلى أنّ الكلمة دخيلة معرّبة ، وقال آخرون : إنّها عربيّة خالصة. واختلفوا في مقداره ، فقال بعضهم : هو قدر لم يحدّه العرب ، وقال الكلبيّ : هو ملء مسك ثور من ذهب أو فضّة. وقد وردت أحاديث رفعها أبو هريرة وأنس بن مالك في القنطار ، منها قوله عليهالسلام : «القنطار ألف أوقيّة ومائتا أوقيّة». انظر مجاز أبي عبيدة ، ج ١ ص ٨٨ ، ومعرّب الجواليقي ، ص ٣١٧ ـ ٣١٨.
(٣) في ق وع : «المسرّجة» ، وفي د : «الممرغة» ، ولم أهتد إلى ما في الكلمتين من تصحيف فأثبتّ ما جاء في ز ، ورقة ٤٣ : «الراعية» ، وهو الصحيح. وهو من سامت الخيل أو الماشية فهي سائمة وسوائم إذا رعت ، وأسمتها وسوّمتها تسويما فهي مسوّمة إذا أرعيتها.