وَاتَّبَعْنَا الرَّسُولَ فَاكْتُبْنا مَعَ الشَّاهِدِينَ) (٥٣) : أى بما جاء عيسى أنّه حقّ.
ذكروا أنّ رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : لكلّ نبيّ حواريّون ، وأنا حوارييّ تسعة : أبو بكر ، وعمر ، وعثمان ، وعليّ ، وطلحة ، والزبير ، وسعد ، وعبد الرحمن بن عوف ، وعثمان بن مظعون (١).
قوله : (وَمَكَرُوا وَمَكَرَ اللهُ وَاللهُ خَيْرُ الْماكِرِينَ) (٥٤) : أى مكروا بقتل عيسى ، ومكر الله بهم فأهلكهم ، ورفع عيسى إليه ، فوصف كيف مكر بهم فقال : (إِذْ قالَ اللهُ يا عِيسى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرافِعُكَ إِلَيَّ) : وهذه وفاة الرفع في قول الحسن فيما أحسب. وفيها تقديم ، أى : رافعك ومتوفّيك بعد ما تنزل. قال : (وَمُطَهِّرُكَ مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَجاعِلُ الَّذِينَ اتَّبَعُوكَ فَوْقَ الَّذِينَ كَفَرُوا) : أى في النصر وفي الحجّة (إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ) : والذين اتّبعوه محمّد صلىاللهعليهوسلم وأهل دينه ، اتّبعوا دين عيسى ، وصدّقوا به.
وقال بعضهم : هم أهل الإسلام الذين اتّبعوه على فطرته وملّته وسنّته ، ولا يزالون ظاهرين على أهل الشرك إلى يوم القيامة. وهو قوله : (وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكَ لَيَبْعَثَنَّ عَلَيْهِمْ إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ مَنْ يَسُومُهُمْ سُوءَ الْعَذابِ) [الأعراف : ١٦٧] أى : شدّة العذاب ، وهي الجزية. وقال بعضهم : بعث الله عليهم هذا الحيّ من العرب فهم منه في ذلّ إلى يوم القيامة (٢).
قوله : (ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأَحْكُمُ بَيْنَكُمْ فِيما كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ) (٥٥) : قال الحسن : حكمه فيهم يوم القيامة أن يعذّب الكافرين ويدخل المؤمنين الجنّة.
قوله : (فَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَأُعَذِّبُهُمْ عَذاباً شَدِيداً فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ) : أمّا في الدنيا فهو ما عذّب به الكفّار من الوقائع والسيف حين كذّبوا رسلهم ، وأمّا في الآخرة فالنار. (وَما لَهُمْ مِنْ ناصِرِينَ) (٥٦). قال : (وَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ فَيُوَفِّيهِمْ
__________________
(١) أخرج البخاري ومسلم والترمذيّ عن جابر بن عبد الله حديثا مرفوعا قال النبي صلىاللهعليهوسلم : «لكلّ نبيّ حواريّ وحواريّ الزبير». انظر مثلا : صحيح مسلم ، كتاب فضائل الصحابة ، باب فضائل طلحة والزبير (٢٤١٥) ولم أجد هذا الحديث الذي يعدّ تسعة حواريّين من جلّة أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوسلم فيما بين يديّ من كتب التفسير والحديث.
(٢) أولئك عرب الأمس ، أصحاب النبيّ عليهالسلام ومن اهتدى بهديه. أمّا عرب اليوم فهم في ذلّ من اليهود ، لأنّ جلّ العرب نبذوا كتاب الله ، وحكّموا في أممهم غير شريعة الله. ولن يغيّر الله حالهم من ذلّ إلى عزّ ، ومن انكسار إلى انتصار ، حتّى يعودوا بالإسلام إلى سالف عهده ويحكّموا شريعة الله فيما بينهم.