أُجُورَهُمْ) : أى الجنّة (وَاللهُ لا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ) (٥٧) : أى كلّ ظالم من ظالم مشرك ، وظالم منافق ، وهو ظلم فوق ظلم ، وظلم دون ظلم.
قوله : (ذلِكَ نَتْلُوهُ عَلَيْكَ مِنَ الْآياتِ وَالذِّكْرِ الْحَكِيمِ) (٥٨) : أى المحكم ، وهو كلام مثنى (١) في قول الحسن. قوله : (إِنَّ مَثَلَ عِيسى عِنْدَ اللهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرابٍ ثُمَّ قالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ) (٥٩) : قال الكلبيّ : لّما قدم نصارى نجران (٢) قالوا : يا محمّد ، أتذكر صاحبنا؟ قال : ومن صاحبكم؟ قالوا : عيسى بن مريم ، أتزعم أنّه عبد؟ فقال لهم نبيّ الله صلىاللهعليهوسلم : أجل ، هو عبد الله. فقالوا : أرنا في خلق الله عبدا مثله فيمن رأيت أو سمعت به. فأعرض عنهم نبيّ الله يومئذ. ونزل جبريل عليهالسلام فقال : (إِنَّ مَثَلَ عِيسى عِنْدَ اللهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرابٍ ثُمَّ قالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ).
(الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَلا تَكُنْ مِنَ الْمُمْتَرِينَ) (٦٠) : أى : من الشاكّين. وقال بعضهم : (فَلا تَكُنْ مِنَ الْمُمْتَرِينَ) : أى : لا تكن في شكّ ممّا قصصنا عليك في شأن عيسى.
قال : (فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ) : أى في عيسى (مِنْ بَعْدِ ما جاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعالَوْا نَدْعُ أَبْناءَنا وَأَبْناءَكُمْ وَنِساءَنا وَنِساءَكُمْ وَأَنْفُسَنا وَأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَتَ اللهِ عَلَى الْكاذِبِينَ) (٦١) : قال الكلبيّ : ثمّ عادوا إلى النبيّ عليهالسلام فقالوا : هل سمعت بمثل صاحبك؟ قال : نعم. قالوا : من هو؟ قال : آدم ، خلقه الله من تراب ثمّ قال له كن فيكون. قالوا : إنّه ليس كما تقول. فقال لهم رسول الله صلىاللهعليهوسلم : (تَعالَوْا نَدْعُ أَبْناءَنا وَأَبْناءَكُمْ وَنِساءَنا وَنِساءَكُمْ وَأَنْفُسَنا وَأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ)، أى نتلاعن ، (فَنَجْعَلْ لَعْنَتَ اللهِ عَلَى الْكاذِبِينَ) أى : منّا ومنكم. قالوا : نعم ، نلاعنك. فخرج رسول الله صلىاللهعليهوسلم آخذا بيد عليّ وفاطمة والحسن والحسين ، فهمّوا أن يلاعنوه ، ثمّ نكثوا ، وعلموا أنّهم لو فعلوا لوقعت اللعنة عليهم ، فصالحوه على الجزية. وقال بعضهم : ذكر لنا أنّ نبيّ الله دعا وفد نجران من النصارى ، وهم الذين حاجّوه ، فنكصوا وأبوا. فذكر لنا أنّ رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : لقد كاد العذاب أن ينزل على أهل نجران ، والذي نفسي بيده لو فعلوا
__________________
(١) كلام مثنى أى : مكرر ، انظر الفرّاء ، معاني القرآن ج ٢٠ ، ص ٤١٨ ، وانظر اللسان : (/ ثنى.)
(٢) قصّة وفد نجران مذكورة في كتب التفسير والحديث مختصرة ومطوّلة ، وقد جرت سنة تسع للهجرة ، انظر الآثار التي وردت فيها عند البخاريّ مثلا. كتاب المغازي ، باب قصّة أهل نجران ، انظر ابن حجر ، فتح الباري ، ج ٨ ص ٩٣. وانظر الواحدي ، أسباب النزول ص ٩٨ ـ ٩٩ ، وتفسير ابن كثير ، ج ٢ ص ٤٦ ـ ٥٢.