وما أصابكم في أنفسكم من القتل والجراح. قال : (وَاللهُ خَبِيرٌ بِما تَعْمَلُونَ) (١٥٣).
قال : (ثُمَّ أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ بَعْدِ الْغَمِّ أَمَنَةً نُعاساً يَغْشى طائِفَةً مِنْكُمْ وَطائِفَةٌ قَدْ أَهَمَّتْهُمْ أَنْفُسُهُمْ) : قال بعضهم : ذلك يوم أحد ؛ كانوا يومئذ فريقين ؛ فأمّا المؤمنون فغشّاهم (١) الله النعاس أمنة منه ورحمة. قال أبو طلحة : أنا يومئذ ممّن غشيه النعاس ، فجعل سيفي يسقط من يدي فآخذه ، فيسقط فآخذه. والطائفة الأخرى : المنافقون ليس لهم همّة (٢) إلّا أنفسهم.
قوله : (يَظُنُّونَ بِاللهِ غَيْرَ الْحَقِّ ظَنَّ الْجاهِلِيَّةِ يَقُولُونَ هَلْ لَنا مِنَ الْأَمْرِ مِنْ شَيْءٍ) : قال الكلبيّ : هم المنافقون قالوا لعبد الله بن أبيّ : قتل بنو الخزرج ، فقال : وهل لنا من الأمر من شيء.
قال الله : (قُلْ إِنَّ الْأَمْرَ) : [يعني النصر] (٣) (كُلَّهُ لِلَّهِ يُخْفُونَ فِي أَنْفُسِهِمْ ما لا يُبْدُونَ لَكَ يَقُولُونَ لَوْ كانَ لَنا مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ ما قُتِلْنا هاهُنا) : قال الكلبيّ : كان ما أخفوا في أنفسهم أن قالوا : لو كنّا على شيء من الحقّ ما قتلنا هاهنا ، ولو كنّا في بيوتنا ما أصابنا القتل قال الله للنبيّ (قُلْ لَوْ كُنْتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ لَبَرَزَ الَّذِينَ كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقَتْلُ إِلى مَضاجِعِهِمْ وَلِيَبْتَلِيَ اللهُ ما فِي صُدُورِكُمْ وَلِيُمَحِّصَ ما فِي قُلُوبِكُمْ) : أى يظهر ما في قلوبكم. وقال : (ما كانَ اللهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلى ما أَنْتُمْ عَلَيْهِ حَتَّى يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ) [آل عمران : ١٧٩] أى فقد ميّز يوم أحد المنافقين من المؤمنين. (وَاللهُ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ) (١٥٤) : أى بما في الصدور.
قوله : (إِنَّ الَّذِينَ تَوَلَّوْا مِنْكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعانِ) : وهو يوم أحد (إِنَّمَا اسْتَزَلَّهُمُ الشَّيْطانُ بِبَعْضِ ما كَسَبُوا وَلَقَدْ عَفَا اللهُ عَنْهُمْ إِنَّ اللهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ) (١٥٥).
كان الله قد أوجب لمن فرّ يوم بدر النار ، ثمّ كانت أحد بعدها ، فأنزل الله : (إِنَّ الَّذِينَ تَوَلَّوْا مِنْكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعانِ إِنَّمَا اسْتَزَلَّهُمُ الشَّيْطانُ بِبَعْضِ ما كَسَبُوا وَلَقَدْ عَفَا اللهُ
__________________
(١) كذا في المخطوطات ، وهو الصواب ، وهي على قراءة من قرأ في قوله تعالى من سورة الأنفال : ١١ (إِذْ يُغَشِّيكُمُ النُّعاسَ أَمَنَةً مِنْهُ).
(٢) كذا في ق ود : «همّة» ، وفي ز : «همّ» ، وكلاهما صواب.
(٣) زيادة من ز ، ورقة ٥٤.