فيما فرض الله عليه من حقّ أخيه المؤمن ، (أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِناً إِلَّا خَطَأً) : أى إلّا أن يكون قتله إيّاه خطأ لم يتعمّده.
وقال بعضهم : ما كان له ذلك فيما أتاه من ربّه في عهد الله الذي عهده إليه.
وقال : إنّ عياش بن أبي ربيعة (١) كان قتل رجلا مؤمنا كان يعذّبه مع أبي جهل في اتّباع عيّاش النبيّ ، وعيّاش يحسب أنّ ذلك الرجل كافر كما كان.
قال : (وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِناً خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ) : قال بعضهم : (رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ) : من عقل دينه. وأخبرت عن الحسن أنّه قال : لا تجزي إلّا رقبة قد صلّت وصامت ، ليست صغيرة.
قوله : (وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلى أَهْلِهِ) : أى إلى أولياء المقتول.
ذكروا أنّ رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : العقل على العصبة ، والدية على الميراث (٢). العقل على العصبة ، يعني دية الخطأ.
ذكروا عن سعيد بن المسيب قال : إنّ امرأة جاءت إلى عمر بن الخطّاب تطلب ميراثها من دية زوجها ، فقال عمر : أيّكم سمع من رسول الله في هذا شيئا؟ فقام الضحّاك بن سفيان
__________________
(١) هو أبو عبد الرحمن عيّاش بن أبي ربيعة ، أخو أبي جهل بن هشام لأمّه. وقد كان من السابقين إلى الإسلام أسلم قبل أن يدخل النبيّ عليهالسلام دار الأرقم. ويقال : إنّه جمع بين الهجرتين الهجرة إلى الحبشة والهجرة إلى المدينة. ولّما قنت رسول الله شهرا يدعو للمستضعفين بمكّة كان يذكر عيّاشا باسمه مع الوليد بن الوليد وسلمة بن هشام. قيل : إنّه قتل يوم اليرموك ، وقيل : مات بمكّة. انظر ترجمته في الاستيعاب لابن عبد البرّ ، ج ٣ ص ١٢٣ ، وفي كتب التراجم.
(٢) لم أجد هذا الحديث بهذا اللفظ ، ولكنّ معناه ثابت في سنّة رسول الله وفي قضائه. فقد أخرج البخاري في كتاب الديات ، باب جنين المرأة وأنّ العقل على الوالد وعصبة الوالد لا على الولد. «عن أبي هريرة أنّ رسول الله قضى في جنين امرأة من بني لحيان بغرّة عبد أو أمة. ثمّ إنّ المرأة التي قضى عليها بالغرّة توفّيت فقضى رسول الله صلىاللهعليهوسلم أنّ ميراثها لبنيها وزوجها ، وأنّ العقل على عصبتها». انظر ابن حجر ، فتح الباري ، ج ١٢ ص ٢٤٧ ـ ٢٥٣. وسمّيت العاقلة ـ وهم عصبة الرجل وقرابته من قبل الأب ـ عاقلة لأنّ دفع الدية كان بعقل الإبل على باب وليّ المقتول. وانظر سنن أبي داود ، كتاب الديات ، باب دية الجنين ، عن جابر بن عبد الله (٤٥٧٥) وعن أبي هريرة (٤٥٧٦). وانظر : يحيى بكّوش ، فقه الإمام جابر بن زيد ، ميراث دية المقتول ، ص ٥٩١ ، تجد تحقيقا وتلخيصا لمختلف الأقوال في المسألة.