(وَإِنْ كانَ مِنْ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثاقٌ فَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلى أَهْلِهِ وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ) : كان بين النبيّ وبين قوم من مشركي العرب عهد إلى أجل معلوم ؛ فمن قتل منهم في ذلك العهد دفع إلى أوليائه الدية ، وعلى قاتله عتق رقبة. قال : فما كان من عهد بين النبيّ وبين مشركي العرب فهو منسوخ ، نسخه القتال. وما كان من عهد بين المسلمين وبين المشركين من غير العرب وأهل الذمّة يؤدّون الجزية فقتل منهم رجل ، ففيه الدية لأوليائه وعتق رقبة مؤمنة.
قوله : (فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيامُ شَهْرَيْنِ مُتَتابِعَيْنِ تَوْبَةً مِنَ اللهِ) : أى تجاوزا من الله (وَكانَ اللهُ عَلِيماً حَكِيماً) (٩٢) : أى عليما بخلقه ، حكيما في أمره.
وقال بعضهم : وإن كان من قوم عدوّ لكم وهو مؤمن فتحرير رقبة مؤمنة ولا دية لأهله من أجل أنّهم كفّار ، ليس بينهم وبين رسول الله عهد ولا ذمّة.
ذكروا عن بعضهم أنّه قال : من أصاب دما خطأ فكتمه لقي الله به عمدا.
قوله : (وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزاؤُهُ جَهَنَّمُ خالِداً فِيها وَغَضِبَ اللهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذاباً عَظِيماً) (٩٣) : ذكروا عن ابن عبّاس أنّه سئل عن قاتل المؤمن فقال : ذلك قفل ضلّ مفتاحه.
ذكروا عن ابن عبّاس أنّه قال : إنّ رجلا سأل من أصحاب النبيّ صلىاللهعليهوسلم ، وقد كان قتل ، فشدّد عليه ، ثمّ قال : هل أحد من والديك حيّ؟ قال : نعم ، أمّي. قال : ويلك ، برّها واحملها فإن دخل الابعد النار فأبعد من أبعده الله ، أو كالذي قال له.
ذكروا عن ابن عبّاس أنّه قال : إنّ هذه الآية مدنيّة ، والتي في البقرة مدنيّة ما نسختها من آية.
ذكروا أنّ رجلا أتى إلى ابن عبّاس فقال : ما تقول فيمن قتل مؤمنا؟ قال : (فَجَزاؤُهُ جَهَنَّمُ خالِداً فِيها وَغَضِبَ اللهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذاباً عَظِيماً) (٩٣). فقال : ما كنت تعرف : (وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صالِحاً ثُمَّ اهْتَدى) (٨٢) [طه : ٨٢] قال : وأنّى له الهدى ، ثكلته أمّه ، والذي نفس ابن عبّاس بيده لسمعت رسول الله صلىاللهعليهوسلم يقول : ثكلته أمّه رجلا (١) الذي قتل مؤمنا
__________________
(١) كذا في ع : «رجلا» ، وفي د : «رجل والذي قتل». وفي كلتيهما خطأ ، وصوابه : «ثكلته أمّه رجلا قتل مؤمنا متعمّدا ...». وفي تفسير الطبري ، ج ٩ ص ٦٣ : «رجل قتل رجلا متعمّدا ...». والحديث صحيح أخرجه أحمد بألفاظ شبيهة بالتي وردت هنا.