وقال بعضهم : يعذرون (١) ، وهو ما قال الأنصاريّ : إن اليهوديّ سرقها. (وَكانَ اللهُ بِما يَعْمَلُونَ مُحِيطاً) (١٠٨).
ثمّ أقبل على قوم الأنصاريّ فقال : (ها أَنْتُمْ هؤُلاءِ جادَلْتُمْ عَنْهُمْ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا فَمَنْ يُجادِلُ اللهَ عَنْهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ أَمْ مَنْ يَكُونُ عَلَيْهِمْ وَكِيلاً) (١٠٩) : أى حافظا لأعمالهم في تفسير الحسن. قال الحسن : ثمّ استتابه الله فقال : (وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءاً أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللهَ يَجِدِ اللهَ غَفُوراً رَحِيماً) (١١٠).
قال : (وَمَنْ يَكْسِبْ إِثْماً فَإِنَّما يَكْسِبُهُ عَلى نَفْسِهِ وَكانَ اللهُ عَلِيماً حَكِيماً) (١١١)
(وَمَنْ يَكْسِبْ خَطِيئَةً أَوْ إِثْماً ثُمَّ يَرْمِ بِهِ بَرِيئاً) : يعني اليهوديّ أنّه منها بريء (فَقَدِ احْتَمَلَ بُهْتاناً) : والبهتان الكذب (وَإِثْماً مُبِيناً) (١١٢) : أى بيّنا.
قال الحسن : ثمّ أقبل على النبيّ وقال : (وَلَوْ لا فَضْلُ اللهِ عَلَيْكَ وَرَحْمَتُهُ لَهَمَّتْ طائِفَةٌ مِنْهُمْ أَنْ يُضِلُّوكَ) : فيما أرادوا من النبيّ أن يعذر صاحبهم (وَما يُضِلُّونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ وَما يَضُرُّونَكَ مِنْ شَيْءٍ وَأَنْزَلَ اللهُ عَلَيْكَ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَكَ ما لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَكانَ فَضْلُ اللهِ عَلَيْكَ عَظِيماً) (١١٣).
ثمّ قال : (لا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْواهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ ابْتِغاءَ مَرْضاتِ اللهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً) (١١٤) : قال الحسن : فلمّا أنزل الله في الأنصاريّ ما نزل [استحيى أن يقيم بين المسلمين] (٢) فلحق بالمشركين فأنزل الله :
(وَمَنْ يُشاقِقِ الرَّسُولَ) : والشقاق في تفسير بعضهم الفراق (٣). وقال بعضهم : (وَمَنْ يُشاقِقِ الرَّسُولَ) أى : ومن يخالف الرسول (مِنْ بَعْدِ ما تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ) : أى غير دين المؤمنين (نُوَلِّهِ ما تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَساءَتْ مَصِيراً) (١١٥).
قال الحسن : ثمّ استتابه الله فقال : (إِنَّ اللهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ ما دُونَ
__________________
(١) كذا في ع ود : «يعذرون» ، ولم أر للكلمة هنا وجها. على أنّ معنى التبييت إنّما هو تدبير أمر بليل.
(٢) زيادة من ز ، ورقة ٧٣.
(٣) كذا في ع : «الفراق» ، وفي ز : «ومن يفارق» ، وفي د : «النّفاق» ولكلّ وجه ، والأوّل أنسب.