ذلِكَ لِمَنْ يَشاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللهِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً بَعِيداً) (١١٦). فلمّا نزلت هذه الآية رجع إلى المسلمين. ثمّ إنّه نقب على بيت من المسلمين بيتا ، فأدرك وقد وقع عليه الحائط فقتله.
وقوله : (إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ) والمعروف القرض (١).
وأمّا قوله : (نُوَلِّهِ ما تَوَلَّى) أى من آلهة الباطل.
قوله : (وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءاً أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللهَ يَجِدِ اللهَ غَفُوراً رَحِيماً) فبلغنا أنّها لّما نزلت قال إبليس وجنوده : ذهب عملنا باطلا ؛ إذا فتنّاهم استغفروا فغفر لهم. فقال إبليس : لأحملنّهم على أمر يدينون به فيقتل بعضهم بعضا.
قال الحسن : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : إنّ الشيطان قد يئس أن يعبده المصلّون ، ولكن في التحريش بينهم وما يحقرون من أعمالهم قد رضي (٢).
قوله : (إِنْ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ إِلَّا إِناثاً) : قال الحسن : إلّا أمواتا. غير أنّ بعضهم روى عنه أنّه قال : شيئا ميّتا لا روح فيه. قال بعضهم : هو مثل قوله : (وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ لا يَخْلُقُونَ شَيْئاً وَهُمْ يُخْلَقُونَ (٢٠) أَمْواتٌ غَيْرُ أَحْياءٍ) [النحل : ٢٠ ـ ٢١] يعني أصنامهم (٣). (وَإِنْ يَدْعُونَ إِلَّا شَيْطاناً مَرِيداً) (١١٧) : قال بعضهم : مرد على المعصية. وقال الحسن : أى أنّ تلك الأوثان التي عبدوها من دون الله لم تدعهم إلى عبادتها وإنّما دعاهم إلى عبادتها الشيطان.
قوله : (لَعَنَهُ اللهُ وَقالَ) : إبليس (لَأَتَّخِذَنَّ مِنْ عِبادِكَ نَصِيباً مَفْرُوضاً (١١٨)
__________________
(١) هذا وجه من وجوه معاني المعروف اختاره المؤلّف ابن سلّام هنا. وقد جعله في كتابه التصاريف ، ص ٢٠٤ أوّل وجه من وجوه الكلمة الخمسة. وبه فسّر المعروف في هذه الآية : ١١٤ ، وفي الآية : ٦ من أوائل هذه السورة. والحقّ أنّ كلمة المعروف أعمّ من ذلك معنى وأكثر شمولا ؛ فهي تتناول كلّ أنواع البرّ كما ذهب إليه كثير من المحقّقين ، فكيف يقصر معناها على القرض؟!.
(٢) من خطبته صلىاللهعليهوسلم في حجّة الوداع. وقد وردت في كتب السنن والتاريخ. انظر مثلا : سيرة ابن هشام ، ج ٤ ص ٦٠٤ ، ومغازي الواقدي ، ج ٣ ص ١١٣ ، وتاريخ الطبري ، ج ٣ ص ١٥٠. وأخرجه مسلم في كتاب صفات المنافقين وأحكامهم ، باب تحريش الشيطان ... (رقم ٢٨١٢) عن جابر.
(٣) جاء في ز ، ورقة ٧٣ ما يلي : «قال محمّد : وقيل المعنى : إلّا ما سمّوه بأسماء الإناث ، مثل : اللات والعزّى ومناة».