وَلَأُضِلَّنَّهُمْ) : أى لأغوينّهم ؛ كقوله : (لَأَحْتَنِكَنَّ ذُرِّيَّتَهُ إِلَّا قَلِيلاً) (٦٢) [الإسراء : ٦٢] أى لأستولينّ عليهم ، أى لأضلّنّهم إلّا قليلا. وذلك ظنّ منه ، وكان الأمر على ما ظنّ. وهو كقوله : (وَلَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ ظَنَّهُ فَاتَّبَعُوهُ إِلَّا فَرِيقاً مِنَ الْمُؤْمِنِينَ) (٢٠) [سبأ : ٢٠].
ذكر الحسن قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : يقول الله لآدم : قم فابعث بعث أهل النار. قال : يا ربّ وما بعث أهل النار؟ قال : من كلّ ألف تسعمائة وتسع وتسعون (١).
قوله : (وَلَأُمَنِّيَنَّهُمْ) : أى : بأنّه لا عذاب عليهم (وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُبَتِّكُنَّ آذانَ الْأَنْعامِ) : وهي البحيرة ؛ كانوا يقطعون أطراف آذانها ويحرّمونها على أنفسهم. (وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللهِ) : قال مجاهد : دين الله (٢) ، أى يأمرهم بالشرك. وقال ابن عبّاس : هو الإخصاء. وقال الحسن : هو ما تشم النساء في أيديها ووجوهها من هذا الوشم. كان نساء أهل الجاهليّة يفعلن ذلك.
قال الله : (وَمَنْ يَتَّخِذِ الشَّيْطانَ وَلِيًّا مِنْ دُونِ اللهِ فَقَدْ خَسِرَ خُسْراناً مُبِيناً) (١١٩) : أى بيّنا. (يَعِدُهُمْ وَيُمَنِّيهِمْ وَما يَعِدُهُمُ الشَّيْطانُ إِلَّا غُرُوراً (١٢٠) أُولئِكَ مَأْواهُمْ جَهَنَّمُ وَلا يَجِدُونَ عَنْها مَحِيصاً) (١٢١) : أى ملجأ.
قوله : (وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ سَنُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها أَبَداً) : أى لا يموتون ولا يخرجون منها أبدا (وَعْدَ اللهِ حَقًّا وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللهِ قِيلاً) (١٢٢) : أى لا أحد.
قوله : (لَيْسَ بِأَمانِيِّكُمْ وَلا أَمانِيِّ أَهْلِ الْكِتابِ مَنْ يَعْمَلْ سُوءاً يُجْزَ بِهِ وَلا يَجِدْ لَهُ مِنْ دُونِ اللهِ وَلِيًّا وَلا نَصِيراً) (١٢٣).
__________________
(١) حديث متّفق على صحّته ، أخرجه البخاري في كتاب بدء الخلق ، باب قصّة ياجوج وماجوج. وأخرجه مسلم في كتاب الإيمان ، باب قوله : يقول الله لآدم أخرج بعث النار (٢٢٢) كلاهما يرويه عن أبي سعيد الخدري.
(٢) الذين أوّلوا تغيير خلق الله بتغيير دين الله اعتمدوا قوله تعالى من سورة الروم : ٢٠ : (فِطْرَتَ اللهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْها لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللهِ ذلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ). وهو ما ذهب إليه مجاهد والضحّاك بن مزاحم وغيرهم ، ورجّحه الطبريّ في تفسيره ، ج ٩ ص ٢٢٢.