قال الحسن : قالت اليهود للمؤمنين : كتابنا قبل كتابكم ، ونبيّنا قبل نبيّكم ، ونحن أهدى منكم. وقال المؤمنون : كذبتم ؛ إنّا صدّقنا بكتابكم ونبيّكم وكذّبتم بكتابنا ونبيّنا ، وكتابنا القاضي على ما قبله من الكتب ؛ فأنزل الله : (لَيْسَ بِأَمانِيِّكُمْ وَلا أَمانِيِّ أَهْلِ الْكِتابِ مَنْ يَعْمَلْ سُوءاً يُجْزَ بِهِ وَلا يَجِدْ لَهُ مِنْ دُونِ اللهِ وَلِيًّا وَلا نَصِيراً) (١٢٣).
ذكروا أنّ أبا بكر الصدّيق قال : يا رسول الله ، كيف الصلاح بعد هذه الآية؟ فقال له النبيّ عليهالسلام : أى آية يا أبا بكر؟ قال : يقول الله : (مَنْ يَعْمَلْ سُوءاً يُجْزَ بِهِ) قال : يغفر الله لك يا أبا بكر ، ألست تمرض ، ألست تحزن ، ألست تصيبك اللأواء؟ قال : بلى ، قال : فهو ما تجزون به (١). قال مجاهد : هذا في مشركي قريش : قالوا : لن نبعث ولن نعذّب.
ذكروا عن أميّة أنّها سألت عائشة عن قوله تعالى : (وَإِنْ تُبْدُوا ما فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحاسِبْكُمْ بِهِ اللهُ) [البقرة : ٢٨٤] ، وعن قوله : (مَنْ يَعْمَلْ سُوءاً يُجْزَ بِهِ) فقالت : ما سألني عنها أحد منذ سألت عنها رسول الله صلىاللهعليهوسلم فقال : يا عائشة هذه متابعة الله على العبد بما يصيبه من الحمّى والحزن والشوكة حتّى البضاعة يضعها في كمّه فيفقدها فيفزع لها فيجدها في ضبنه ، حتّى إنّ المؤمن ليخرج من خطاياه كما يخرج التبر الأحمر من الكير (٢).
قوله : (وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحاتِ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلا يُظْلَمُونَ نَقِيراً) (١٢٤) : وهي النقرة التي في ظهر النواة. ذكر بعضهم قال : ثلاثة في النواة : الفتيل والنقير والقطمير. أمّا الفتيل فهو الذي يكون في بطن النواة ، والنقير الذي يكون في ظهر النواة ، والقطمير الذي يكون على النواة والمعروف بقمع العنبة (٣).
__________________
(١) أخرجه الإمام أحمد في مسنده عن ابن أبي زهير الثقفيّ. وأخرجه أبو بكر المروزيّ في مسند أبي بكر الصدّيق عن أبي بكر بن أبي زهير الثقفيّ عن أبي بكر بسند ضعيف وإن كان الحديث صحيحا (الحديث رقم ١١٢). واللأواء : الشدّة والمحنة وضيق المعيشة. انظر اللسان : (لِأَيِّ). وأخرجه ابن سلّام عن المعلى بن هلال عن إسماعيل بن أبي خالد عن أبي بكر بن زهير.
(٢) أخرجه أحمد والبيهقيّ ، وأخرجه الترمذيّ في تفسير سورة البقرة في قوله تعالى : (وَإِنْ تُبْدُوا ما فِي أَنْفُسِكُمْ ، أَوْ تُخْفُوهُ يُحاسِبْكُمْ بِهِ اللهُ) [الآية : ٢٨٤] عن أميّة بنت عبد الله عن عائشة (رقم ٤٠٧٥) ، وفي لفظه : «هذه معاتبة الله العبد بما يصيبه من الحمّى ...».
(٣) كذا في ع ، وهو الصحيح : «قمع» ، ويقال أيضا «قمع» ، وهو ما على التمرة والعنبة. انظر اللسان : (قمع).