بمكّة ، وكان جوار أهل الجاهليّة ، فلمّا قضيت جواري استبطنت الوادي ، فنوديت ، فنظرت خلفي وأمامي ، وعن يميني وعن شمالي ، فلم أر شيئا. فرفعت رأسي إلى السماء فإذا هو ـ يعني جبريل عليهالسلام ـ قاعد على العرش بين السماء والأرض ، فحممت منه ، فأتيت خديجة فقلت : دثّروني. وصبّت عليّ ماء باردا ، فأنزل الله عليّ (يا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ) (١) (١). قال : والعامّة على أنّ أوّل ما نزل من القرآن (اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ) (١) (٢).
ذكروا عن أبي بن كعب قال : آخر ما نزل من القرآن هاتان الآيتان في سورة براءة : (لَقَدْ جاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ ما عَنِتُّمْ) ... إلى آخر السورة. [سورة التوبة : ١٢٨ ـ ١٢٩]. ذكروا عن ابن عبّاس ، عن أبي بن كعب قال : إنّ آخر القرآن بالسماء عهدا هاتان الآيتان : (لَقَدْ جاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ) ... إلى آخر الآيتين.
ذكروا عن الكلبيّ قال : آخر ما نزل من القرآن : (وَاتَّقُوا يَوْماً تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ ما كَسَبَتْ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ) (٢٨١) [سورة البقرة : ٢٨١].
ذكروا عن عبد الرحمن بن أبي بكرة عن أبيه قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : أتاني جبريل وميكائيل ، فقعد جبريل عن يميني ، وميكائيل عن يساري ، فقال جبريل : بسم الله ، في حديث الحسن. وفي حديث غيره : يا محمّد ، اقرأ القرآن على حرف. فالتفت إليّ ميكائيل فقال : استزده ، فقلت : زدني. فقال : اقرأه على حرفين. فالتفت إليّ ميكائيل فقال : استزده ، فقلت : زدني. فقال : اقرأه على ثلاثة أحرف. فالتفت إليّ ميكائيل فقال : استزده ، فقلت : زدني. فقال : اقرأه على أربعة أحرف. فالتفت إليّ ميكائيل فقال : استزده ، فقلت : زدني. فقال : اقرأه على خمسة أحرف. فالتفت إليّ ميكائيل فقال : استزده ، فقلت : زدني. فقال : اقرأه على ستّة أحرف. فالتفت إليّ ميكائيل فقال : استزده ، فقلت : زدني. فقال : اقرأه على سبعة أحرف ، كلّها شاف كاف ، ما لم تختم آية رحمة بآية
__________________
(١) حديث صحيح ، أخرجه مسلم في كتاب الإيمان ، باب بدء الوحي إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم (رقم ٢٥٧) عن أبي سلمة عن جابر بن عبد الله. وأخرجه البخاري مختصرا في أوائل صحيحه وفيه : «قال ابن شهاب : وأخبرني أبو سلمة بن عبد الرحمن أنّ جابر بن عبد الله الأنصاريّ قال ، وهو يحدّث عن فترة الوحي ، فقال في حديثه : «بينما أنا أمشي إذ سمعت صوتا من السماء ...» إلى آخر الحديث.
(٢) انظر السيوطي ، الإنقان في علوم القرآن ج ١ ص ٦٩ ، ط. المشهد الحسيني ، القاهرة : ١٣٧٨ / ١٩٦٧ ، تجد تلخيصا وافيا يجمع بين الروايتين وتحقيقا في أنّ أوّل القرآن نزولا هو صدر سورة العلق.