ثم مضغا ثمّ عظاما ثمّ كسوتها لحما ، ثمّ حيوانا سويّا (فِي ظُلُماتٍ ثَلاثٍ) ظلمة البطن والرّحم والمشيمة (ذلِكُمُ) الفاعل لهذه (اللهُ رَبُّكُمْ) هو إلهكم الحقّ المالك لكم (لَهُ الْمُلْكُ) على الحقيقة (لا إِلهَ إِلَّا هُوَ) إذ لا خالق سواه ، ومرّ اعرابه في فاطر (١) (فَأَنَّى) فكيف (تُصْرَفُونَ) عن توحيده الى الإشراك به.
[٧] ـ (إِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ اللهَ غَنِيٌّ عَنْكُمْ) عن ايمانكم (وَلا يَرْضى لِعِبادِهِ الْكُفْرَ) ويلزمه أن لا يريده منهم ولا يخلقه فيهم بلا تأثير لقدرتهم واختيارهم فيه ، وإلّا لم يكن راضيا بفعل نفسه ، وكونه لرحمته بهم لم يرض بما يضرّهم لا يجدي ، إذ كما انّ رحمته توجب عدم رضاه به فكذلك توجب عدم ارادته وعدم خلقه بلا إختيار لهم أولى ، وتخصيص العباد بالمؤمنين خلاف الظاهر.
ودعوى «النّيسابوري» انّه لم يرد مضافا إليه تعالى إلّا مرادا به المؤمنون ، يكذّبها : (وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ وَما يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ فَيَقُولُ أَأَنْتُمْ أَضْلَلْتُمْ عِبادِي هؤُلاءِ) (٢) الآية ، وكذا جعل الرّضا بمعنى مدحهم عليه (وَإِنْ تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُمْ) الهاء لمصدر «تشكروا» وأشبع ضمتها «ابن كثير» و «ابن عامر» و «الكسائي» و «نافع» في رواية ، وعن «ابى عمرو» إسكانها (٣) (وَلا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى ثُمَّ إِلى رَبِّكُمْ مَرْجِعُكُمْ فَيُنَبِّئُكُمْ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ) مرّ مثله مرارا.
[٨] ـ (وَإِذا مَسَّ الْإِنْسانَ ضُرٌّ دَعا رَبَّهُ مُنِيباً) راجعا (إِلَيْهِ) لكشف ضرّه (ثُمَّ إِذا خَوَّلَهُ) أعطاه ، من الخول : التّعهّد أو الافتخار (نِعْمَةً مِنْهُ نَسِيَ ما كانَ يَدْعُوا إِلَيْهِ مِنْ قَبْلُ) أي الضّرّ الّذي كان يدعو ربّه الى كشفه ، أو ربّه الّذي كان يتضرّع إليه ، و «ما» بمعنى» «من» (وَجَعَلَ لِلَّهِ أَنْداداً) شركاء (لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِهِ) وفتح «الياء» «ابن كثير»
__________________
(١) سورة فاطر : ٣٥ / ١٠.
(٢) سورة الفرقان : ٢٥ / ١٧.
(٣) حجة القراءات : ٦١٩.