وسكّن «نافع» و «حمزة» «الياء» على انّه مبتدأ (١) خبره : (ثِيابُ سُندُسٍ) ما رقّ من الحرير (خُضْرٌ وَإِسْتَبْرَقٌ) ما غلظ من الدّيباج ، وجرّ «ابن كثير» و «أبو بكر» «خضر» (٢) صفة «سندس» بالمعنى لأنّه اسم جنس ورفعا «إستبرق» عطفا على «ثياب».
وعكس «ابن عامر» و «أبو عمرو» ورفعهما «نافع» و «حفص» وجرّهما «حمزة» و «الكسائي» (٣) (وَحُلُّوا أَساوِرَ مِنْ فِضَّةٍ) وفي مواضع من ذهب ولا منافاة لجواز التّعاقب والجمع ، وكون تلك الفضّة أفضل من الذّهب (وَسَقاهُمْ رَبُّهُمْ شَراباً طَهُوراً) طاهرا من الأقذار ، لم تمسّه الأيدي الوضرة (٤) ولم تدنّسه الاقدام الدّنسة ، ولم يصر نجاسة بل يرشّح من أبدانهم عرقا أطيب من المسك ، أو مطهّرا لبطونهم مما أكلوا بترشيحه عرقا كالمسك ، أو مطهرا لهم من الميل الى ما سوى الحقّ فلا يلتفتون إلّا الى أنوار عظمته المتجلّية لهم.
وهذا نهاية مقامات الصّديقين ، ولذلك أسند السّقي إليه تعالى وختم به ثوابهم ويقال لهم :
[٢٢] ـ (إِنَّ هذا) الثّواب (كانَ لَكُمْ جَزاءً) على حسناتكم (وَكانَ سَعْيُكُمْ) في مرضاة الله (مَشْكُوراً) مقبولا مثابا عليه.
[٢٣] ـ (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ تَنْزِيلاً) مفصّلا نجوما ، لحكم منها تسليتك.
[٢٤] ـ (فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ) بتبليغ رسالته وتحمّل أذى قومك الى أن تؤمر بقتالهم (وَلا تُطِعْ مِنْهُمْ آثِماً أَوْ كَفُوراً) أي ايّهما كان فيما دعاك إليه من إثم أو كفر لا مطلقا ، لإشعار الوصفين المترتّب عليهما النّهي بهما.
__________________
(١) حجة القراءات : ٧٣٩.
(٢) حجة القراءات : ٧٤٠.
(٣) حجة القراءات : ٧٤٠.
(٤) الوضرة : الوسخة.