يفهم من إشارة الآية (٥٤) من سورة العنكبوت : (وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بِالْكَافِرِينَ).
وتدخل الآية التالية في تفصيل أكثر لمصير الفجّار : (يَصْلَوْنَهَا يَوْمَ الدّينِ).
فإذا كانت الآية السابقة تشير إلى أنّ الفجّار هم في جهنم حالياً ، فسيكون إشارة هذه الآية ، إلى أنّ دخولهم جهنم سيتعمق ، وسيحسون بعذاب نارها ، بشكل أشدّ.
«يصلون : من صلى على وزن (سعى) ، وصلى النار : دخل فيها.
ولزيادة التفصيل ، تقول الآية التالية : (وَمَا هُمْ عَنْهَا بِغَائِبِينَ).
اعتبر كثير من المفسرين كون الآية دليلاً على خلود الفجّار في العذاب ، وخلصوا إلى أنّ المراد ب الفجّار هم الكفار ، لكون الخلود في العذاب يختص بهم دون غيرهم.
ف الفجّار : إذن : هم الذين يشقون ستر التقوى والعفة بعدم إيمانهم وتكذبيهم بيوم الدين ، ولا يقصد بهم ـ في هذه الآيات ـ اولئك الذي يشقّون الستر المذكور بغلبة هوى النفس مع وجود حالة الإيمان عندهم.
وتبيّن الآية أيضاً : إنّ عذاب أهل جهنم عذاب دائم ليس له انقطاع ، ولا يغيب عنهم ولو للحظة واحدة.
ولأهمية خطب ذلك اليوم العظيم ، تقول الآية التالية : (وَمَا أَدْرَيكَ مَا يَوْمُ الدّينِ).
(ثُمَّ مَا أَدْرَيكَ مَا يَوْمُ الدّينِ).
فإذا كانت وحشة وأهوال ذلك اليوم قد اخفيت عن النبي صلىاللهعليهوآله ـ وهو المخاطب في الآية ـ مع كل ما له من علم ب : القيامة ، المبدأ ، المعاد .. فكيف يا تُرى حال الآخرين.
وينتقل البيان القرآني للتعبير عن إحدى خصائص ذلك اليوم ، وبجملة وجيزة ، لكنّها متضمنة لحقائق ومعان كثيرة : (يَوْمَ لَاتَمْلِكُ نَفْسٌ لّنَفْسٍ شَيْئًا وَالْأَمْرُ يَوْمَئِذٍ لّلَّهِ).
فستتجلّى حقيقة أنّ كل شيء في هذا العالم هو بيد الله العزيز القهار ، وستبان حقيقة حاكمية الله المطلقة ومالكيته على كل من تنكر لهذه الحقيقة الحقة ، وستنعدم تلك التصورات الساذجة التي حكمت أذهان المغفلين بكون فلان أميراً ورئيساً أو حاكماً ، وسينهار اولئك البسطاء الذين اعتبروا أنّ قدراتهم مستقلة بعد أن أكل الغرور نفوسهم وتكالب التكبر على تصرفاتهم في الحياة الدنيا الفانية.
|
نهاية تفسير سورة الإنفطار |
* * *