والدّيباج ، ويعتقبون (١) الخيل العتاق. ويكون هناك استحرار قتل حتّى يمشي المجروح على المقتول ، ويكون المفلت أقلّ من المأسور! » (٢).
وانبرى بعض أصحاب الإمام قائلا له : لقد اعطيت يا أمير المؤمنين علم الغيب ...
فتبسّم الإمام عليهالسلام وقال له :
« يا أخا كلب ، ليس هو بعلم غيب ، وإنّما هو تعلّم من ذي علم ـ يعني أنّه مستقى ومستمدّ من أخيه رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ. وإنّما علم الغيب علم السّاعة ، وما عدّده الله سبحانه بقوله : ( إِنَّ اللهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ ، وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ ، وَيَعْلَمُ ما فِي الْأَرْحامِ ، وَما تَدْرِي نَفْسٌ ما ذا تَكْسِبُ غَداً ، وَما تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ ... ) ، فيعلم الله سبحانه ما في الأرحام من ذكر أو أنثى ، وقبيح أو جميل ، وسخيّ أو بخيل ، وشقيّ أو سعيد ، ومن يكون في النّار حطبا ، أو في الجنان للنّبيّين مرافقا. فهذا علم الغيب الّذي لا يعلمه أحد إلاّ الله ، وما سوى ذلك فعلم علّمه الله نبيّه فعلّمنيه ، ودعا لي بأن يعيه صدري ، وتضطمّ (٣) عليه جوانحي » (٤).
وقد أوضح الإمام عليهالسلام العلم الذي عنده إنّما هو مستمدّ من أخيه وابن عمّه رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وأنّه ليس بعلم الغيب الذي لم يطّلع عليه أحد سوى الله تعالى خالق الكون وواهب الحياة.
__________________
(١) يعتقبون الخيل : أي يجتنبونها لينتقلوا من غيرها إليها.
(٢) نهج البلاغة ـ محمّد عبده ٢ : ١٤.
(٣) تضطم : أي تجتمع عليها جوانح صدري.
(٤) شرح نهج البلاغة ـ ابن أبي الحديد ٨ : ٢١٥.