خالف العبد ولم يسلك الطريق واتفق مصادفته للواقع لم يكن معذورا فى المخالفة كما لا يخفى.
ثم انك بعد ما عرفت منا اختيار ترتب المثوبة والعقوبة على موافقة الوجوبات الغيرية ومخالفتها ، ظهر لك اندفاع الاشكال المذكور فى عبادية الطهارات الثلث ، حيث انه قد استشكل فى عباديتها باعتبار افتقارها الى نية التقرب ولا قربية فى امتثال الاوامر الغيرية ، بناء على عدم ترتب المثوبة والعقوبة على موافقتها ومخالفتها.
وقد عرفت منا فساد المبنى بما لا مزيد عليه وان المختار عندنا مساواة الواجبات الغيرية مع الواجبات النفسية ، لحصول الانقياد والتسليم فى موافقتها والتجرى والطغيان فى مخالفتها كما فى الواجبات النفسية من غير فرق فى ذلك بينهما اصلا ، وهذا هو المناط والمدار فى ترتب المثوبة والعقوبة على التكاليف نفسيها وغيريها.
وقد اجيب عن الاشكال بغير ما ذكرناه بعد الالتزام باختصاص الثواب والعذاب ، بموافقة الواجبات النفسية ومخالفتها ، فمن ذلك ما اجاب به الماتن قده بقوله : «ان المقدمة فيها بنفسها مستحبة وعبادة ، وغايتها انما تكون متوقفة على احدى هذه العبادات فلا بد ان يؤتى بها عبادة ، وإلّا فلم يؤت بما هو مقدمة لها ، فقصد القربة فيها انما هو لاجل كونها فى نفسها امورا عبادية ومستحبات نفسية ، لا لكونها مطلوبات غيرية والاكتفاء بقصد امرها الغيرى فانما هو لاجل انه لا يدعو إلّا الى ما هو كذلك فى نفسه ، حيث انه لا يدعو إلّا الى ما هو المقدمة فافهم.»
ولعل قوله فأفهم اشارة الى مناقشة يمكن ايرادها على كلامه هذا ، وهى ان الواقع فيما يأتى به عامة المتشرعة من الطهارات الثلث