الحكم على ما في الكفاية هو العمل بعنوانه الأوّلي المأخوذ في الأخبار الضعاف من صلاة أو صيام ونحوهما ، وأما على ما اختاره المحقق النائيني (قدسسره) فهو العمل بعنوانه الثانوي الطارئ عليه كما هو مذكور في كلامه ويشهد عليه تنظيره بالأمارات.
وإن شئت قلت : إنّ عنوان البلوغ على مختار صاحب الكفاية (قدسسره) من الحيثيات التعليلية لعروض حكم الاستحباب على العمل ، وأمّا على مختاره (قدسسره) فهو من الحيثيات التقييدية كما لا يخفى ، وتظهر ثمرة هذا الاختلاف في الآثار التي تترتب على المستحبات الذاتية دون المستحبات العرضية فلا تغفل.
وكيف كان فقد عرفت أنّ الأخبار لا دلالة فيها على الحكم باستحباب العمل فضلاً عن كونها متمحّضة فيه ، مضافاً إلى ما أفاده الشيخ (قدسسره) في هذا المجال من أنّ ثبوت الأجر لا يدلّ على الاستحباب الشرعي ، لأنّ الظاهر من هذه الأخبار كون العمل متفرّعاً على البلوغ لا على الأمر حتى يثبت الاستحباب الشرعي (١).
فان قلت : إنّ استفادة الاستحباب الشرعي من أخبار من بلغ ، يكون نظير استفادته من الأخبار الواردة في الموارد الكثيرة المقتصر فيها على ذكر الثواب للعمل من دون الأمر به مثل قوله (عليهالسلام) : «من سرّح لحيته أو من صلّ ـ ى أو صام فله كذا من الثواب» ، فكما أنّ قوله مثلاً «من سرح لحيته فله كذا» يدل بالالتزام على استحباب التسريح ، فكذا ثبوت الثواب على فعل بطريق غير معتبر يدل بالالتزام على استحبابه شرعاً فيجوز إتيانه بنية امتثاله.
قلت : فرق واضح بين المقامين فإنّ الثواب يترتّب إمّا على الطاعة الحقيقية أي إتيان العمل بداعي الأمر ، وإمّا على الطاعة الحكمية أي إتيانه باحتمال الأمر المعبّر عنه بالانقياد ، والأخبار التي اقتصر فيها على ذكر الثواب للعمل لا تدل على
__________________
(١) فرائد الأُصول : ٢٣٠ ، طبعة رحمة الله.