القول بعدم استحباب الوضوء نفسياً ، من دون ان يقصد به غاية من الغايات ، وأمّا لو قلنا باستحبابه كذلك ، فلا تتم الثمرة المذكورة ، إذ عليه يكون نفس الوضوء مستحباً رافعاً للحدث ، ثبت استحبابه لغاية خاصّة أم لم يثبت ولعل المستفاد من بعض الروايات هو الثاني.
فقد روى المفضل بن عمر عن أبي عبد الله (عليهالسلام) قال : من جدّد وضوءه لغير حدث جدّد الله توبته من غير استغفار (١). وروى محمد بن مسلم عن أبي عبد الله (عليهالسلام) قال : قال أمير المؤمنين (عليهالسلام) : الوضوء بعد الطهور عشر حسنات ، فتطهّروا (٢). وروى الصدوق مرسلاً : الوضوء على الوضوء نور على نور (٣). فان الظاهر من هذه الروايات ونحوها إنّ الوضوء مستحب نفسي.
وإلى ما ذكرنا ينظر كلام المحقّق الاصفهاني (قدسسره) قال :
«إنّ مناط عبادية الوضوء وقربيّته الدخيلة في تأثيره في الطهارة ليس وجوبه لغاية واجبة أو استحبابه لغاية مستحبة ، حتى يدور الأمر بين كونه مستحباً شرعياً ببلوغ الثواب أو لا ، بل المناط كما حقّق في محلّه رجحانه الذاتي واستحبابه النفسي شرعاً ، فعدم ثبوت استحبابه العرضي بالخبر الضعيف لا ينافي استحبابه النفسي المحقّق لعباديته وتأثيره في الطهارة ، فالوضوء البالغ فيه الثواب في وقت خاص وحالة مخصوصة مؤثرة في الطهارة وإن وقع انقياداً لا مستحباً» (٤).
ثمّ إنّ الشيخ (قدسسره) ذكر لظهور الثمرة مثالاً آخر وهو جواز المسح ببلّة المسترسل من اللحية لو دل على استحباب غسله في الوضوء خبر ضعيف ، بناء على ثبوت الاستحباب الشرعي بالخبر الضعيف ، وعدم جواز المسح بها بناء على عدم ثبوته ، لعدم إحراز كونه من أجزاء الوضوء حينئذ.
__________________
(١ ـ ٢ ـ ٣) الوسائل : ١ ، أبواب الوضوء ، ب ٨ ، الحديث ٧ و ٨ و ٩.
(٤) نهاية الدراية : ٢ / ٢٢٤.